"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
بـ "الضربة القاضية"، أسقط لقاء بعبدا الرئاسي كل الأوهام الحكومية، بنسخها الباريسية والخليجية والفاتيكانية، والتي ثمة من لا يزال مصرّاً على "تعييش" اللبنانيين أجواءها كل فترة، لاعباً على مشاعرهم، محوّلاً "الجليد المكسور" إلى طوفان.
ذلك أن المواقف التي أطلقها الرئيس المكلّف تكاد تكون الأكثر تشاؤمية في سبحة تصريحاته التي لطالما اتّسمت بمسحة تفاؤل في أعقاب جولاته الخمسة عشر السابقة، ما يعني عملياً استمرار الأوضاع حكومياً على حالها، إلى حين اتضاح مسار العلاقات الأميركية – الإيرانية في المنطقة، ومصير الإتفاق النووي الإيراني.
فالشيخ سعد لم يكذّب خبراً ما إن وصل إلى بيروت، حتى رنّ هاتف بعبدا طلباً لموعد حُدِّد في لحظته، "فتمنيات الرئيس الفرنسي أوامر". في بعبدا "الفرحة وصلت للقَرعة"، فشكلاً "كُسِر" "الشيخ سعد"، " و" جايي عا إجر ونُص"، ليسمع مباشرة من رئيس الجمهورية ما" انبحّ" مسؤولو التيار وهم يردّدونه في العلن والسر.
زيارة الثلاثين دقيقة انتهت بإنجاز مهم" كل واحد يتحمّل مسؤولية مواقفه". بالتأكيد نتيجة إنجاز بعد كل هذا الوقت من التكليف والزيارات الخارجية. إنه تَرف الوقت في بلد يركض سريعاً نحو الإنفجار بعدما تخطى قعر جهنم الإنهيار.
الأجواء السياسية المحلية لم ترصد أي تقدم حكومي تمكّن لقاء الرئيسين من تحقيقه، بل على العكس جاء ليثبت، أن محادثات باريس التي جرت على وقع حرب بيانات بين الفريقين الأزرق والبرتقالي، انتهت إلى "صفر حلحلة وشيكة"، مظهرة أن كل السيناريوهات المطروحة لا تعدو كونها بالونات اختبار، سرعان ما تسقط بعد ساعات من إطلاقها.
في كل الأحوال، ما صدر لم يكن مفاجئاً، فباريس "المفركشة بحالها"، سبق أن أشارت أوساطها إلى أن لقاء الإليزيه لم يقدّم أي شيء جديد، فالموقف الأميركي لا يزال على حاله، فيما يؤكد تصلّب الحريري "المؤكّد"، لناحية أن المبادرة الفرنسية وجوهرها لم يتبدّلا قيد أنملة، خلافاً لما حاول البعض الترويج له منذ أيام، كما يؤكّد أيضاً أن المجتمع الدولي والدول المانحة كلّها، شرقاً وغرباً، لن تتعاون إلا مع حكومة خالية من السياسيين.
كسر" الرئيس الحريري بفرض صعوده إلى بعبدا، لم يَرُق للبرتقاليين، "فرفعوا السقف"، رابطين التشكيل بالتدقيق الجنائي المالي، مع ما يحمله ذلك من اتهامات واضحة بالفساد للحريرية السياسية، "فالشيخ سعد مُصِرّ على عدم التصرف كرجل دولة، ممعناً في إهانة موقع رئاسة الجمهورية، بشكل مستفز غير مقبول".
فبالنسبة "للعونيين" الأمور واضحة ولا تحتاج إلى تحليل وتفكيك، فالرئيس المكلّف سبق وتعهد للخارج بعدم ضمّ "حزب الله" الى الحكومة، وقد يكون هذا الإلتزام سبّب غضّ النظر عن تكليفه بعد الفيتو الذي وُضع عليه بعد ثورة 17 تشرين، لذلك نراه اليوم يتنقل بين الدول الفاعلة علّها غيّرت موقفها مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، ولتحسين علاقاته الخاصة بعيداً عن مصالح البلد، إلا أن الواضح حتى الساعة أن الموقف الأميركي والسعودي، الذي عبّرت عنه مصر والإمارات، وإلى حدّ ما فرنسا، لا يزال ثابتاً على رفض أي شكل لمشاركة حارة حريك في الحكومة العتيدة.
وتتابع المصادر، بأن مشكلة الشيخ سعد مع الرئيس عون، مجرّد حجة وليست أمراً أساسياً، إذ حال سقوط الفيتو الخارجي، وتحديداً السعودي، الذي لم يستقبله بعد، ستتراجع سقوفه الداخلية ويسلّم بالأمر الواقع، متخوّفة من أنه في حال إصراره على السير بالتكليف في ظل الستاتيكو الحالي، والتمترس القائم راهناً، فإن البلاد تكون قد دخلت مرحلة خطيرة تستلزم إجراءات استثنائية، لأن "الجنرال" لن يقف مكتوف الأيدي إزاء هذا الوضع، داعية الرئيس الحريري إلى عدم الرهان على الضغوط الخارجية لتعديل التوازنات الداخلية، "وغير هيك كلّو مضيعة للوقت". فهل يعني ذلك أن بعبدا حسمت خياراتها ولن تتراجع؟
في المقابل، يؤكد مقرّبون من بيت الوسط، أن الحريري بات يملك تصوراً واضحاً لكيفية التعامل مع الظروف والأزمة الحالية، بعد مروحة الإتصالات الواسعة التي قام بها داخلياً وخارجياً، ملمّحاً إلى أنه قد يخرج بمفاجأة في كلمته بمناسبة الرابع عشر من شباط بعد ظهر اليوم، في ذكرى اغتيال والده، يعلن فيها أسماء الوزراء الإختصاصيين في التشكيلة الحكومية التي قدّمها لرئيس الجمهورية، تاركاً للبنانيين الحكم على نوعية الأسماء. فهل يعني ذلك أن بَيك المختارة نجح في إقناع الشيخ سعد "بِتَرك الجَمَل بما حمل" لمحور الممانعة والمقاومة؟
في الحقيقة، يجب الإعتراف أن "الشيخ الكذاب"، وفقاً ، لتوصيف "الجنرال الرئيس"، شرب كأس السم" مقفى" هذه المرة، "فكِرمال عيون باريس إذا بتوصل عاالرياض، تِكرم عيون بعبدا"، إلا أنه في المقابل "لعبها صح" وأحرج غريميه الثنائي عون – باسيل، بغسل يديه من تهمة التعطيل، على الأقل وفقاً لاعتقاده، ومن خلال "الّلهم أشهد أن الشيخ فعل حاول وأبلغ"، حملّ البرتقالي مسؤولية تطيير الفرصة الدولية. فإلى أين ،"على طريقة وليد بيك" المصرّ على ثلاثية كره لبنان العونية - الباسيلية - الحزباللوية" ؟"
المشهد قاتم، والأمور تبدو ذاهبة نحو تلبّد إضافي، أما المبادرة الفرنسية فإلى "الكوما"، من جديد، بعد التحاقها بلائحة "ضحايا" حرب الصلاحيات والإلغاء الطويلة، خصوصاً أن فرنسا مصرّة على البقاء على "الحياد"، ما يعني أنها "ما رَحّ تزبط"، لذلك لا داعي "للهلع" وفقاً "للوزير حسن" هذه المرة، ولا لزوم "لنزلة" ما كرون أو دوريل إلى بيروت، و"بلا تربيح جميلة من الآخر".
عون طلب، فوعد ماكرون، ووفى سعد. هذا في الشكل و"عا شكلو شكشكلو". في بعبدا والإليزيه وبيت الوسط، كل مصرّ على موقفه، "تيس عبدك يا رب".... هكذا يقرأ "الشاطر حسن" "الحركة بلا بركة"... تراهم يطبّقون مقولة "في التأني السلامة وفي العجلة الندامة" ... لم لا؟ "ما حدا عم يدفع من كيسه"، فكله من حسابات الشعب اللبناني؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News