نشر موقع "العربية " مقالاً للصحافي جوني فخري, تحت عنوان "غضب فرنسي من سياسيي لبنان.. ورسالة قهر بـ 100 توقيع", جاء فيه "بينما تستمر معارك تأليف الحكومة في لبنان على أشدها بين رئيس الجمهورية ميشال عون من جهة والرئيس المكلّف سعد الحريري من جهة أخرى، بدأ منسوب الضغط الدولي لا سيما الأوروبي، يرتفع ضد الطبقة الحاكمة".
وفي السياق, يعكس تصاعد اللهجة الفرنسية تحديداً تجاه المسؤولين اللبنانيين حجم السخط الدولي من تصرّفات أهل الحكم في لبنان ولعبة الشروط والشروط المضادة التي يمارسونها في عملية تشكيل الحكومة المُعطّلة منذ أكثر من سبعة أشهر نتيجة الخلاف القائم بين عون والحريري حول شكلعا (تكنوسياسية أو إختصاصيين مستقلّين) وعدد الوزراء فيها.
ولعل الموقف الفرنسي الأعنف ضد القوى السياسية اللبنانية عبّر عنه قبل أيام وزير الخارجية جان إيف لودريان، أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، قائلا "إن بلاده ستتخذ "تدابير محددة بحق الذين فضّلوا مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد، والأيام المقبلة ستكون مصيرية، وفي حال لم تتخذ هذه الأطراف قرارات ملائمة، سنقوم من جهتنا بواجبنا".
فهل تتّجه فرنسا التي تُصنّف في خانة "الراعية" للبنان وتربطها علاقات تاريخية به، الى إستخدام "عصا" العقوبات ضد مسؤولين سياسيين؟
للاجابة على هذا السؤال، أوضحت مصادر من العاصمة الفرنسية لـ"العربية.نت" "أن هناك غضباً فرنسياً من تصرّفات القوى السياسية اللبنانية التي كما يبدو غير مُدركة لحجم الأزمة القائمة وتداعياتها على المستويات كافة، غير أن هذا "الغضب" لن يُترجم عقوبات على الطريقة الأميركية وإنما إجراءات على المستوى الاوروبي مدعومة أميركياً وعربياً، ووزير الخارجية المصري سامح شكري الذي عرّج على باريس قبل أن يزور بيروت، أبلغ المسؤولين اللبنانيين الذين إلتقاهم بأن "الغضب الأوروبي" تجاههم ليس مزحة".
لكن المصادر استبعدت "أن تستخدم باريس سلاح العقوبات على الطريقة الأميركية للضغط على السياسيين اللبنانيين، فهذا الإجراء "معقّد" كثيراً ويحتاج تطبيقه الى آلية خاصة تتضمّن أدلة مثبّتة بوثائق ومستندات، كما حصل مع تجميد أصول غير شرعية في فرنسا لبعض القادة الأفارقة ونائب الرئيس السوري السابق رفعت الأسد. فهذه الإجراءات تمّت بضغط من جمعيات أهلية في باريس وإستغرقت سنوات من التحقيقات وتجميع الأدلة الدامغة".
من هنا، أشارت المصادر الى "أن باريس تعمل في الكواليس على إتّخاذ إجراءات بحق مسؤولين لبنانيين على مستوى الاتحاد الأوروبي وليس على المستوى الوطني كمثل حظر السفر والتمنّع عن إعطاء تأشيراة دخول (شينغين) لسياسيين وأقاربهم وكل من تربطه علاقة بهم كما تجميد أصول لمسؤولين لبنانيين في فرنسا ودول الإتحاد الأوروبي".
كما أضافت "تصريح لودريان في اذار الماضي قبل حضوره إجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، "بأن لبنان ينهار وعلى الاتحاد التحرك لإنقاذه"، دليل إلى أن باريس تُفضّل حلّ أزمة لبنان من منطلق "جماعي أوروبي" تكون مفاعيله أقوى ويُساهم بالدفع في مبادرتها الإنقاذية التي أطلقها الرئيس ماركون عقب زيارتَيه الى بيروت بعد إنفجار المرفأ في الرابع من اب الماضي.
إلى ذلك، أكدت المصادر "أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لن يزور لبنان قبل تشكيل حكومة مطابقة لمواصفات المبادرة الفرنسية التي أطلقها من السفارة الفرنسية في بيروت وتنصّ على تشكيل حكومة مهمة من وزراء اختصاصيين. وهو كان قد أرجأ زيارته التي كانت مقررة لبيروت نهاية العام الماضي بسبب إصابته بفيروس كورونا من دون أن يُحدد موعداً جديداً لها".
يأتي التصعيد الفرنسي بالتزامن مع رسالة وقعتها أكثر من 100 شخصية لبنانية من المجتمع المدني نُشرت في صحيفة لوموند الفرنسية، حضّت على إصدار تعليمات "من أجل تطبيق الآلية القانونية لتجميد الأصول المشكوك في مصدرها التي يملكها في فرنسا قادة سياسيون واقتصاديون لبنانيون".
وفي السياق، قال نيكولا سركيس، الخبير الإقتصادي وهو ممن أعدّوا الرسالة، لـ"العربية.نت" " بعثنا بالرسالة الى الإليزيه ووزارة الخارجية الثلاثاء الماضي، من أجل الدفع في اتّجاه محاسبة الفاسدين ومن سرقوا جنى عمر اللبنانيين سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات رسمية ومصرفية".
كما أعلن "أنهم في صدد تكليف محامين في باريس لرفع دعاوى ضد مسؤولين سياسيين متّهمين بالفساد وهدر المال العام ومصرفين كبيرين كان لهما الحصة الأكبر من الهندسات المالية التي نفّذها البنك المركزي أخيراً وساهمت في شكل كبير في هدر ودائع اللبنانيين وإنهيار الليرة مقابل الدولار".
ولفت سركيس الى "أن الفرنسيين على تواصل مع نظرائهم الأوروبيين من أجل تنسيق "الإجراءات" التي ستُتخذ بحق مسوؤلين لبنانيين اتهمهم ماكرون منذ فترة بإرتكاب خيانة جماعية".
يذكر أنه منذ العام 2019 يُعاني لبنان انهياراً اقتصادياً قاسياً تعمّق مع إنفجار مرفأ بيروت الكارثي في أب الماضي وأودى بحياة 200 شخص على الأقل وأصاب أكثر من 6500 آخرين وخلّف أضراراً جسيمة بالأملاك العامة والخاصة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News