المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
السبت 11 كانون الأول 2021 - 14:43 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

"عسسُ الأميركيين" في ملف الترسيم

"عسسُ الأميركيين" في ملف الترسيم

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يُردّد الأميركيون عبر أوساطهم ووسائل الإعلام المحسوبة عليهم محلياً، بأن حنقهم قد ضاقَ من اللامبالاة اللبنانية في موضوع ملف الترسيم، وأن لبنان ، وإذا لم يتصرّف بسرعة، فقد يجبرنا لأن نفعل كذا وكذا! أصلاً نحن في دولة فاشلة منهارة، وكما يقول المثل الشعبي: "لن يجني على هذه ال** أكثر مما جنى عليها الدهر".

حسناً إذاً، دعنا ودعكم من "البهورة" الإعلامية والتلويح والتهديد والتخويف. نحن وأنتم، نعلم وتعلمون ما لنا ولكم في هذه الدولة! إذاً فلنخرج من التمثيل!

لا بدّ أن الأميركيين يعلمون حقاً بتصرفات رجالاتهم في الداخل، ويعلمون أكثر أن موضوع الترسيم "ماشي"، وفق المفاهيم والإملاءات الأميركية تحديداً، حتى أن ما يريده الأميركيون يُنفّذ بحذافيره، وهم لديهم فئة تسهر على إنجاز تصوراتهم في هذا الملف وغيره، فلماذا إحداث كل هذه الجلبة؟ عليه تكون التسريبات الأميركية تخضع لتفسيرٍ واحد أو إثنين على الأكثر: إمّا إنها تأتي طلباً لحماية رجالاتهم في الداخل، أي الإنتهازيين الدجّالين "إخوة يوسف" من فئة المتنازلين عن الحقوق، وإمّا لغرض إثارة البلبلة والكذب والخداع وإظهار أنهم ضعفاء، ضعفاء جداً إلى درجة عدم قدرتهم على تحريك حجرٍ في الدولة اللبنانية!

كلام وزير الخارجية عبدالله بو حبيب خلال إطلالته التلفزيونية الأخيرة، يوحي بهذا الإرتباك الداخلي الحاصل في ملف الترسيم البحري. توقيت خروج بوحبيب عبر الإعلام، يبدو أنه لم يُسعف من يخطّط لإسقاطات في الملف من خارج المرسوم، ولربما أحرجه ذلك، ما انعكس تضعضعاً في تصريحات وزير الخارجية. هذا الظهور في توقيته الحالي، أتى ليؤكد ما كنا قد أشرنا إليه أكثر من مرّة وفي أكثر من مناسبة، حول "صفقةٍ" يُحضّر لإبرامها من تحت الطاولة، لتمرير اتفاق مع الإسرائيلي يرعاه الجانب الأميركي، يقتصر على قبول لبنان بالخط 23، وهو ما أفصح عنه بصراحة بو حبيب رداً على سؤال عن احتمال حصول اتفاق قبل آذار (موعد قدوم الباخرة لمصلحة الجانب الإسرائيلي للتنقيب في حقل كاريش)، أجاب: "إذا إجا بمشروع (قاصداً الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين) وقبلناه دغري، طبعاً في توقيع)، وهذا إقرار بأنه سيوقّع وفق التوقيت الإسرائيلي ومن دون العودة إلى الوفد العسكري التقني المفاوض بصفته معنياً يوجب مرسوم تعيينه، أن تتمّ استشارته، في سيناريو أقرب إلى "تهريب الإتفاق" في لحظةٍ حساسة. هذه كلّه بالإضافة إلى ما صرّح عنه وما ورد مؤخراً على شكل تصريحات ومقالات، يكشف مستوى التآمر الرسمي اللبناني والإنصياع التام للهوى الأميركي، وما يتم طبخه في الداخل اللبناني من خلف الكواليس.

خليّتان قد تم اكتشافهما منذ زمن بعيد، تعملان في ملف الترسيم وفق الإملاءات والشروط الأميركية وانصياعاً لرغبتها أو أنهما تخضعان لاعتبارات واشنطن أو مخافةً من الأميركيين. الأولى تتموضع في قصر بعبدا وتتألف من "فرقة" من المخترقين سياسياً. وللمعلومة المجانية، قد طرأ على هذه الخلية تغييرٌ مؤخراً، أدى إلى تبديل شخصية كانت تطمح للحلول مكان الوفد المفاوض وتولّي منصبٍ مُختلق اسمه "وسيط لبناني"، يصبح ندّاً للوسيط الأميركي ويتولّى الحديث الرسمي من الجانب اللبناني، بشخصيةٍ أخرى بديلة لكن من نفس اللون والتوجه وبنسبة أحلام أقلّ. الخلية الثانية تتموضع في السراي الحكومي، وقد أعاد "تدويرها" رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي فور إعلانه تأليف الحكومة، وهي تتألف من الجماعة التي ساهمت في ترسيم الخط الحالي المشوّه رقم 23 والتي خلقت التباساً حدودياً مع قبرص وورّطت لبنان بما هو فيه الآن، وهم في الحقيقة، جماعة من المشبوهين "الفلتانين" سياسياً على مرأى من القضاء.

وللمفارقة، كان أول فعل أقدم عليه الميقاتي بعيد إصدار مرسوم تأليف الحكومة ليس إدارة ملف الكهرباء أو غيره، بل إعلان التزامه بالخط 23 كخطٍ لبناني أساسي يسعى إليه من وراء المفاوضات المتوقفة حالياً، وهذا إنما يصنّف من بين الإلتزامات الأميركية المطلوبة منه ومن غيره. والقضية للحقيقة غير محصورة بالخليتين. إذا تعمّقنا أكثر، لوجدنا أكثر من خليّة تنتشر كالفطر، منفصلة عن بعضها لكنها تعمل في خدمة الهدف نفسه. لقد زرع الأميركيون خلايا بما فيه الكفاية، لغرض التجسّس الرسمي أو للفتك بمقدرات هذا البلد، تماماً كما زرعوا سابقاً في المكسيك جهاز DFS لغرض إنجاز "الأعمال القذرة" ولحماية مصالحهم. والأميركيون عادةً، يعرفون جيداً كيف يتم توزيع الأدوار بين الجموع السياسية في بلد مفكّك كلبنان.

إذاً نحن الآن وفي الواقع أمام عملية تمرّد حقيقية على ملف ترسيم الحدود البحرية، عملية تواطؤ أقربُ إلى الخيانة، أبطالها موزعون على فئات سياسة مختلفة، وقد وضعت الصلاحية لإنجاز المتّفق عليه عند جماعات "الخلايا" لا صفة دستورية لهم، مقابل أن أصحاب الصفة الدستورية الحقيقيين، أي الذين تمّت تسميتهم من خلال مرسوم لمهمة إدارة ملف المفاوضات غير المباشرة، يجلسون أو أُجلسوا في منازلهم عنوةً، ولو قُدّر لهذه السلطة السياسية المارقة، لوضعتهم قيد الإقامة الجبرية!

هذه الوضعية يكاد رئيس الملف العسكري التقني المفاوض العميد المتقاعد بسام ياسين يعاني منها. الرجل ومنذ أن أحيل إلى التقاعد قبل شهرين تقريباً، يجلس في منزله من دون أن يتواصل معه أحد ومن دون أي عمل يذكر، على الرغم من وضعيته القانونية الدقيقة في الملف و إلمامه به وبقائه رئيساً له، كونه لم يُصر إلى إصدار أي قرار بتنحيته وتعيين بديلٍ عنه. وفي صريح العبارة، وُضع الرجل على الرفّ، حين تقاعد مرغماً بحكم القانون، وهي الجائزة التي نالها الطقم السياسي، أي الطقم الذي يكذب ويذهب في الكذب بعيداً سيّما حين يدّعي ويقول إنه في وارد استعادة العميد ياسين، للإستفادة منه في الملف من دون أن يُبلّغ الرجل بأي اقتراحات من هذا النوع! ثمة من يقول إن الإطاحة بالعميد ياسين، كان رأس جبل الجليد المطلوب داخلياً ومن قبل أكثر من فئة سياسية لتمرير الصفقة، الصفقة التي يحضّر لإسقاطها "هوكشتين"، حين يعود إلى لبنان. يحدث كل ذلك، بينما أهل السيادة جميعهم وبكافة تلاوينهم السياسية، بدءاً بجماعة 8 آذار وصولاً لجماعة 14 (بصرف النظر من توظيفهم أميركياً) وصولاً إلى "فرق الثورة". كلهم يقفون الآن على رؤوسهم الطير!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة