أصبحت 8 دول في الشرق الأوسط, وشمال إفريقيا, مهدّدة بأزمة خبز جراء التّوترات بين روسيا وأوكرانيا، حسب خبراء الإقتصاد، فمع ارتفاع أسعار القمح عالميًّا أصبحت دول المغرب ومصر ولبنان واليمن وليبيا وماليزيا وإندونيسيا وبنجلاديش، مهدّدة بارتفاع أسعار الخبز.
ويستورد اليمن وليبيا, على التوالي 22% و43% من إجمالي استهلاكهما من القمح من أوكرانيا، بينما صدرت أوكرانيا أيضًا في عام 2020 أكثر من 20% من القمح لماليزيا وإندونيسيا وبنجلاديش.
وحسب صحيفة "وول ستريت" الأميركية, فإنّ, "روسيا وأوكرانيا تشكّل ما يصل إلى ثلث صادرات القمح عالميًّا، حيث يذهب الكثير من هذه الصّادرات للشّرق الأوسط للحفاظ على أسعار الخبز في متناول الجميع".
وفي الآونة الأخيرة، توجّه أكثر من 40% من شحنات الذّرة والقمح السّنوية لأوكرانيا إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا، كما أدّت موجات الجفاف التّاريخية في تلك البلدان العام الماضي إلى تفاقم الإحتياجات من الحبوب مع إرتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية.
ودفعت التوترات المتصاعدة على حدود روسيا وأوكرانيا العقود الآجلة للقمح المتداولة في شيكاغو إلى الارتفاع بأكثر من 7% خلال شهر كانون الثاني الماضي إلى نحو 8 دولارات للبوشل (مكيال الحبوب).
وتعرف أوكرانيا بـ"سلة الخبز في أوروبا"، وهي مسؤولة عن 10% من صادرات القمح في العالم، كما تعد أوكرانيا وروسيا من الموردين الرّئيسيين لمصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، حسب الصّحيفة.
ويقول محلّلون إنّ: "التّوغل الرّوسي في أوكرانيا والعقوبات الغربية التي تحدّ من الصّادرات الرّوسية سيُمثّلان أسوأ سيناريو عالمي كما يمكنهما أن يحرما الأسواق العالمية من إمدادات القمح لكلا البلدين".
ويقول أندري سيزوف، العضو المنتدب لشركة "سوفيكون"، وهي شركة أبحاث روسية تركّز على أسواق الحبوب في البحر الأسود، لصحيفة "وول ستريت" الأميركية إنّ: "الأضرار التي قد تحيق بالبنية التّحتية الزّراعية في أوكرانيا قد تؤدّي إلى ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 10% و20%".
ويستفيد المشترون في الشرق الأوسط من الطريق البحري القصير عبر مضيق البوسفور وسيتعيّن عليهم دفع المزيد في تكاليف الشحن لجلب القمح من الولايات المتحدة أو أستراليا.
ويقول الدكتور نبيل رشوان، الخبير في الشأن الروسي، إنّ: "الأزمة الأوكرانية الروسية قد تؤثّر على أسعار القمح، لأن الدولتين من كبار المصدّرين حول العالم".
ويضيف، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنّ, "روسيا وأوكرانيا قد تحجمان عن تصدير جزءٍ من حصة القمح تحسّبًا لإحتمالية نشوب حرب على خلفية الأزمة الراهنة".
مشيرًا إلى أنّ, "سعر الخبز ارتفع بقيمة 30% تقريبًا في روسيا".
أكّد رشوان أنه, "لن تحدث حرب، لكن روسيا تتحسب لتفاقم الأزمة مع أوكرانيا خلال الفترة المقبلة"
وتابع أنّ, "واشنطن تفتعل أخبارًا بشأن الأزمة الأوكرانية، وهو ما أثّر سلبًا على اقتصاد كييف".
وخلال العقد الأخير، صعدت أوكرانيا إلى المراتب الأولى في صادرات الحبوب حيث كانت تهدف هذا العام إلى احتلال المرتبة الثالثة في القمح والمرتبة الرابعة في الذرة.
والإحتلال الرّوسي للأراضي الأوكرانية قبل 8 سنوات لم يعرقل صادرات الحبوب، لكن مخاوف عدم الإستقرار في العملة الأوكرانية هي الّتي قد تؤثّر على صادرات المحاصيل، حسب وكالة "رويترز".
ويقول أليكس سميث، المحلّل الزراعي لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إنّ, "التهديدات لصادرات القمح الأوكرانية تشكّل أكبر خطر على الأمن الغذائي العالمي".
ويضيف أنه, "إذا حدث هجوم على أوكرانيا، قد يؤدي ذلك إلى استيلاء روسي على الأرض، مما قد يؤدّي لانخفاض إنتاج القمح وسط فرار المزارعين وتدمير البنية التحتية".
من ناحية أخرى، صدّرت أوكرانيا أكثر من 8 ملايين طن من الذرة إلى الصين في عام 2020، وهو ما يزيد قليلًا على ربع إجمالي صادرات الذرة الأوكرانية في ذلك العام، وفقًا لوزارة الزراعة الأميركية، لذلك قد يؤدي نقص الذرة الأوكراني إلى قيام الصين بشراء الذرة من الولايات المتحدة الأميركية.
وحسب "رويترز"، تشكّل صادرات الحبوب حجر الزاوية في الاقتصاد الأوكراني، ومن المتوقّع أن تصدر البلاد هذا العام أكثر من ثلاثة أرباع محصولها المحلي من الذرة والقمح.
كما تزداد أهمية أوكرانيا بالنّسبة إلى البذور الزيتية لأنها تمثل نصف صادرات زيت عباد الشمس في العالم، وهي المصدر الثالث لبذور اللفت.
وفي هذا العام، من المتوقع أن تمثّل أوكرانيا 12% من صادرات القمح العالمية، و16% للذرة، و18% للشعير، و19% لبذور اللفت.
ومعلقًا يقول الباحث المغربي بالعلاقات الدولية نبيل الأندلسي، إن المغرب يدرس سيناريوهات متعددة لضمان الإمدادات الرئيسية من القمح في ظل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، لا سيما أن البلدين مصدّران رئيسيان للقمح في العالم.
وأضاف، في تصريح لصحيفة "هسبريس" الإلكترونية، أنّ "الأزمة الروسية الأوكرانية ستكون لها تداعيات اقتصادية خطيرة ولا شك في حالة استمرار التّصعيد ونشوب حرب بين البلدين".
وأوضح الأندلسي أنّ, "الأزمة ستكون قاسية على عددٍ من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنها المغرب بطبيعة الحال، لكون القمح من أهم المواد الأساسية عند الشعب المغربي بسبب نمطه الغذائي".
وعن مدى تأثير الأزمة الأوكرانية على إمدادات القمح لمصر، أكد الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين المصري، أنه, "اتخذنا إجراءات تحوطية لتأمين مخزون القمح وعملنا على تنويع مناسئ الاستيراد كالولايات المتحدة وفرنسا وروسيا ورومانيا وأوكرانيا".
وحسب بيان، "قامت وزارة التموين المصرية بتكوين احتياطي استراتيجي من القمح يكفي أكثر من 5 أشهر، كما لن تؤثر الأزمة على إمدادات القمح لمصر".
وحول تأثير الأزمة على سوق الغذاء العالمي، يقول المصيلحي: "وجود المناوشات بين أكبر مصدري القمح والغلال في العالم يثير حالة من عدم اليقين في السوق".
ويتّهم الغرب روسيا بالتخطيط لـ"غزو أوكرانيا"، بينما تنفي موسكو هذه الادعاءات وتحمّل شركاءها الغربيين المسؤولية عن "تأجيج الهستيريا".
وأدّت التصريحات الواردة من الولايات المتحدة بشأن هجوم وشيك من روسيا على أوكرانيا، إلى اهتزاز أسواق المال العالمية.
كما سجّلت أسعار النفط، أعلى مستوى منذ أكثر من 7 سنوات، وسط مخاوف من فرض عقوبات أميركية على روسيا وتعطيل صادرات الطاقة من أكبر منتج في العالم.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News