لم يمض غزو روسيا لأوكرانيا كما تخيل الكرملين، حيث تعثرت قواته حول المدن الرئيسية وأشعل الجيش الأوكراني مقاومة شديدة.
ويقول تقرير نشرته مجلة Foreign Affairs إنه "مع إحباط معنويات قواتها واستنفاد إمداداتها، قد تتحول روسيا إلى تدابير أكثر صرامة للفوز بالحرب، وفي واشنطن، يجتمع مسؤولو الأمن القومي الأميركي بالفعل ويخططون لاحتمال لم يكن من الممكن تصوره ذات يوم هو أن روسيا قد تستخدم أسلحة بيولوجية وكيميائية في أوكرانيا".
ويحظر بروتوكول جنيف استخدام العوامل الكيميائية والبيولوجية في الحرب. وصمدت هذه الاتفاقية إلى حد كبير خلال الحروب التي تلت ذلك، على الرغم من أن بعض البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، استمرت في تطوير أسلحة بيولوجية وكيميائية هجومية.
وأوقف الرئيس، ريتشارد نيكسون هذا البرنامج ونبذ الاستخدام الأميركي لمثل هذه الأسلحة في عام 1969، وقد صمد هذا الحظر منذ ذلك الحين.
استخدم الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، غاز السارين والخردل ضد مدينة حلبجة الكردية في عام 1988 مما أسفر عن مقتل الآلاف، وأفادت تقارير بأن الرئيس السوري، بشار الأسد، شن أكثر من 300 هجوم كيميائي خلال الحرب الأهلية السورية، مما أسفر عن مقتل الآلاف (إن لم يكن مئات الآلاف).
وتقول المجلة "الآن، مع مغامرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العسكرية المتوقفة في أوكرانيا، أصبح التهديد حادا".
ويشير تقرير المجلية إلى أن "الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي مطالبون بالتعامل مع أسوأ السيناريوهات، وجرد الموارد المتاحة لهم بشكل جماعي للتعامل مع الهجمات البيولوجية والكيميائية، وتعزيز هذه الموارد بسرعة".
قبل بضعة أسابيع فقط، كانت فكرة أن روسيا قد تستخدم مثل هذه الأسلحة في حملتها في أوكرانيا لتبدو مثيرة للقلق بشكل لا مبرر له، لكن المجلة تقول إن الحال تغير منذ ذلك الوقت.
وكشفت أنه في أعقاب التقارير الاستخباراتية، جمع البيت الأبيض بهدوء فريقا من مسؤولي الأمن القومي لرسم الردود على أي هجوم بيولوجي أو كيميائي روسي، مضيفة أن بوتين وضع بالفعل الخيار النووي على الطاولة من خلال وضع قواته للأسلحة النووية في حالة تأهب.
وتقول المجلة، إن الكرملين ورث من الحقبة السوفيتية الدراية الفنية لتسليح عدة أمراض منها الجمرة الخبيثة وفيروس ماربورغ، والطاعون، والجدري.
وتضيف أن بوتين لا يتورع عن استخدام مثل هذه العوامل ضد خصومه السياسيين، فقد أمر باغتيال ألكسندر ليتفينينكو، المنشق والناقد لبوتين، بالبولونيوم المشع في عام 2006، وأمر بتسميم منشق آخر، سيرغي سكريبال، في عام 2018، واستهدف زعيم المعارضة أليكسي نافالني بغاز الأعصاب نوفيتشوك في عام 2020.
ومن شأن مهاجمة السكان المدنيين بهذه الأسلحة أن يمثل تغييرا تكتيكيا في الحجم ولكن ليس في النوع، ففي نهاية المطاف، قبلت روسيا هجمات الأسد الكيماوية على شعبه ودعمتها ضمنيا على الأقل.
تفعل الأسلحة هذه ما لا تستطيع الرصاصات وحتى القنابل القيام به، ففيما يمكن للمدنيين العثور على مأوى من القصف والقصف بسهولة أكبر من قدرتهم على تجنب الغازات أو الميكروبات غير المرئية.
وتقل المجلة إنه يمكن أن يلجأ بوتين إلى هذه الأسلحة المروعة في محاولة لكسر روح الأوكرانيين الذين يقاومون غزوه.
وتضيف المجلة أن إطلاق العوامل الكيميائية، مثل السارين والكلور والفوسجين وغاز الخردل، والعوامل البيولوجية التي تسبب الجمرة الخبيثة أو الجدري أو الطاعون أو فيروس جديد مطور بشكل مصطنع، من شأنه أن يقتل أعدادا كبيرة من المدنيين ويخلق الرعب على نطاق دولي.
وفيما يتمتع المسؤولون الأميركيون ببعض الخبرة في التعامل مع مثل هذه الهجمات، لا شيء يشبه الحجم المحتمل لما يمكن أن يحدث في أوكرانيا، بحسب المجلة، حيث تسببت هجمات الجمرة الخبيثة في عام 2001، بـ 22 إصابة وخمس وفيات. ومع ذلك، فقد تسببت في خوف واسع النطاق من المزيد من التهديدات وكانت مكلفة بشكل ملحوظ لتنظيفها.
وقالت إن موقع تلوث بالجمرة الخبيثة بحجم مدينة أوكرانية سيصبح أرضا محرمة مترامية الأطراف، تشبه "تشيرنوبيل بكتيرية" بحسب المجلة.
ويمكن أن يؤدي إطلاق الجمرة الخبيثة الواحدة من طائرة أو طائرة بدون طيار إلى قتل عدة آلاف قبل أن تصل المضادات الحيوية الضرورية إلى السكان المصابين.
وقد يكون من الصعب للغاية العثور على بلد لديه المضادات الحيوية اللازمة في الوقت المناسب لمنع الوفيات، وهو على استعداد لتقاسمها، لأن القيام بذلك من شأنه أن يستنفد مخزون ذلك البلد نفسه ويتركه عرضة للهجوم.
وفي هجوم بغاز السارين – مثل الهجوم الذي نفذ في مترو أنفاق طوكيو في عام 1995 من قبل طائفة يوم القيامة في أوم شينريكيو أو في هجوم الأسد بعد 18 عاما – يمكن للمستجيبين استخدام كميات كبيرة من المياه لغسل المادة الكيميائية. ولكن في كثير من الأحيان لا يمكن الوصول إلى المياه الجارية في منطقة معركة مع كهرباء محدودة وغير موثوقة.
ومن شأن نشر عامل بيولوجي يمكن أن ينتقل بعد ذلك من إنسان إلى آخر أن يمثل سيناريو أكثر كارثية، إن إطلاق سراح عامل قاتل مثل الجدري في أي مكان في العالم سيكون جريمة ضد الإنسانية.
وبحسب المجلة فإن مسؤولي الأمن القومي الأميركي يجتمعون بالفعل للتحضير لهذه الأحداث التي لا يمكن تصورها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News