في أحدث انتكاسة عسكرية لموسكو التي عانت من سلسلة صفعات مدوّية وضربات موجعة منذ أن أرسلت قوّاتها إلى "المستنقع الأوكراني" في 24 شباط، استُهدف الطراد "موسكفا"، قائد الأسطول الروسي في البحر الأسود، بصواريخ "نبتون" من قبل الجيش الأوكراني، ما أدّى إلى إصابته بأضرار جسيمة وغرقه. وأكدت موسكو غرق الطراد "أثناء سحبه إلى الميناء متأثراً بعاصفة وظروف جوّية سيّئة"، لكنّها رفضت الاعتراف بالضربة الأوكرانية، مشيرةً إلى أنها تُحقق في أسباب ما حصل، فيما أكدت كييف أنها هاجمت الطراد. كما تحدّث مسؤول رفيع في البنتاغون لقناة "الحرة" عن أضرار كبيرة لحقت بالسفينة الحربية الروسية، مشيراً إلى إصابتها بأضرار كبيرة واندلاع النيران فيها.
وكشف المسؤول الأميركي أن السفينة "موسكفا" كانت على بُعد 60 ميلاً بحريّاً جنوب أوديسا، لافتاً إلى أن عدداً من السفن الروسية في البحر الأسود ابتعدت عن الساحل بعد الانفجارات التي طالت "موسكفا"، في وقت رفضت فيه أوكرانيا تأكيدات موسكو بأنّها قصفت بلدتَيْن حدوديّتَيْن روسيّتَيْن، واتهمت روسيا في المقابل بالتخطيط "لهجمات إرهابية" في المنطقة الحدودية لتغذية "الهستيريا المناهضة لأوكرانيا" في روسيا. واستنكر "المجلس الوطني الأوكراني للأمن والدفاع" تأكيدات حاكم منطقة كورسك الروسية، من دون نفيها رسميّاً، بأن قرية في منطقة كورينفسكي تعرّضت للقصف من الأراضي الأوكرانية، بالإضافة إلى اتهامات تُفيد بتضرّر معبر حدودي في منطقة بريانسك.
وفي المقابل عادت موسكو "لترقص" على حافة "الهاوية النووي" من جديد، لكن هذه المرّة من باب التهويل والتهديد بأنّها ستنشر أسلحة نوويّة قرب دول البلطيق والدول الاسكندنافية في حال قرّرت فنلندا والسويد الإنضمام إلى "حلف شمال الأطلسي"، وهما تسعيان بقوّة لذلك، خصوصاً فنلندا. وجاء التحذير الروسي على لسان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، الذي أوضح أنه في حال انضمّ البلدان إلى "الأطلسي" فإنّ هذا الأمر سيزيد بأكثر من الضعف طول الحدود البرّية لروسيا مع دول "الأطلسي"، معتبراً أنّه "من الطبيعي أن يتعيّن علينا تعزيز حدودنا".
وإذ تحدّث ميدفيديف عن "إعادة إرساء التوازن"، رأى أنه سيكون من حق روسيا أن تنشر أسلحة نووية في المنطقة، مؤكداً كذلك أن بلاده "ستُعزّز بشكل كبير قواتها البرّية ودفاعاتها الجوّية وستنشر قوات بحرية وازنة في خليج فنلندا". وردّاً على سؤال حول تصريحات ميدفيديف، أجاب المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن "هذا الأمر تمّ التطرّق إليه مراراً"، موضحاً أن الرئيس فلاديمير بوتين أصدر أمراً بـ"تعزيز جناحنا الغربي". ولدى سؤاله حول ما إذا كان سيشمل هذا التعزيز نشر أسلحة نووية، قال بيسكوف: "لا يُمكنني القول... ستكون هناك لائحة طويلة بالتدابير، خطوات ضرورية. سيتناول الرئيس هذا الأمر في اجتماع منفصل".
من جهتها، شدّدت الخارجية الأميركية على أن توسيع "الأطلسي" سيُعزّز الإستقرار الأوروبي. كما اعتبرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس أن تهديدات موسكو ليست بالجديدة، مؤكدةً أنها "لا تزيد اتحادنا إلّا قوّة"، وقالت: "للسويد وفنلندا حرّية اختيار مستقبلهما من دون تدخل... بريطانيا ستدعم أي قرار يتّخذانه"، فيما أوضح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز أن لا دليل فعليّاً على رفع روسيا مستوى تأهب قوّاتها النووية، مشدّداً على أن الولايات المتحدة حريصة بقوّة على تجنّب اندلاع حرب عالمية ثالثة، وعدم تخطي "عتبة" يُصبح الصراع النووي بعدها ممكناً.
تزامناً، نقلت موسكو التوتّر إلى حدودها الشرقيّة أيضاً، إذ أطلقت غوّاصات روسية صواريخ عابرة من طراز "كاليبر" على "سفن عدوّة وهمية" في إطار مناورات عسكرية في بحر اليابان، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الروسية. وشارك أكثر من 15 سفينة في هذه المناورات، من بينها غوّاصتان هما "بيتروبافلوفسك -كامتشاتسكي" و"فولخوف"، اللتان أطلقتا "صواريخ عابرة من موقع تحت الماء في بحر اليابان... أصابتا الهدف". وتأتي هذه المناورات في أجواء مشحونة بالتوتّر بين روسيا واليابان التي أعلنت، في جملة العقوبات التي اتّخذتها ردّاً على الهجوم الروسي على أوكرانيا، حظراً على واردات الفحم الروسي.
ميدانياً، قُتِلَ أكثر من 503 مدنيين، بينهم 24 طفلاً، في منطقة خاركوف في شرق أوكرانيا، منذ بدء الغزو الروسي، على ما كشف حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف، في حين صوّت البرلمان الأوكراني على قرار بغالبية 363 صوتاً، يؤكد أن "أفعال روسيا تهدف إلى إبادة الشعب الأوكراني بشكل منهجي وحرمانه من حق تقرير المصير ومن تطوّر مستقلّ"، في وقت فرّ فيه أكثر من 4.7 ملايين لاجئ أوكراني من بلادهم بعد 50 يوماً على الحرب. بالتوازي، أعلنت أوكرانيا إعادة 30 أسير حرب إلى البلاد في إطار أحدث عملية تبادل للأسرى مع روسيا، تمّت بناءً على أمر من الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وعلى خطّ العقوبات الغربية التي تستهدف روسيا، فرضت المملكة المتحدة عقوبات على اثنَيْن من الأثرياء على اعتبارهما مقرّبَيْن من مالك نادي تشيلسي لكرة القدم رومان أبراموفيتش، وهما يوجين تينينباوم وديفيد دافيدوفيتش. ويخضع كلّ من تينينباوم من الجنسية الكندية ودافيدوفيتش من الجنسية الروسية لتجميد أصول بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني (12 مليار يورو)، وهو الأكبر الذي فرضته المملكة المتحدة على الإطلاق. كما حجزت السلطات الألمانية رسميّاً على أكبر يخت في العالم يعود للأوليغارش الروسي أليشر عثمانوف، بينما دعا بوتين إلى إعادة توجيه صادرات الطاقة الروسية من أوروبا إلى آسيا، متّهماً الأوروبّيين بـ"زعزعة السوق" عبر السعي إلى الاستغناء عن المحروقات الروسية. وتتسبّب الحرب الروسيّة ضدّ أوكرانيا بتداعيات وخيمة على اقتصاد منطقة اليورو، بحسب رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، فيما تزداد الآفاق قتامة مع ارتفاع أسعار الطاقة وزعزعة سلاسل الإمداد وتراجع الثقة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News