التحري

الاثنين 19 حزيران 2023 - 16:01

لبنان.. جلسة الترقيع النيابية تحاكي التمديد المُقنّع لسلامة

placeholder

مريم مجدولين اللحام - جسور

بَلغ الثنائي الشيعي (حزب الله-حركة أمل) من الفَرض وشُحٍّ المَخرجات مرحلة الاتكاء بالمُطلق على نتائج القمة السعودية-الفرنسية وزيارة وزير الخارجية السّعودي لطهران. وفيما أنتجت المُقاربات الخاطئة لطبيعة الصراع السياسي في لبنان حالة الفراغ الرئاسي والانسداد التشريعي، أداء دراميّ مُقنعٌ يلعبه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في التطبيع مع فكرة "تشريع الضرورة" وتأمين النصاب القانوني لجلسةٍ نيابية كارثية، لا تتخذ من موظفي القطاع العام وأساتذة الجامعة اللبنانية رهائن فحسب بل تفتح اعتمادات في موازنة العام 2023 قبل إقرارها، وذلك ضمن اقتراح قانون يفترض تمويل الرواتب المكسورة من قروض مأمولة وسندات خزينة مُفترضة!

مُفارقة غاية في الإستغباء للمواطن، أن يرى اللبناني في عُصارة جلسة الممانعة اليوم إقراراً "لاعتمادات إضافية لرواتب موظفي القطاع العام"، من دون الاعتراف لهذا "المغبون" أنّ قيمة راتبه وإن صُرف له ستتبخّر، وأن القطبة المخفية التي لا تجرؤ كتلتا "نحمي ونبني" الكلام عنها هي أن الرواتب ستُطبع في آلة رياض سلامة، وأن "الليرة مش بخير" ولا الراتب بخير، ولا الجلسة الترقيعية اليوم للصالح العام.

ومن باب الإنصاف، لا يقتصر أمر غشّ المواطن على الثنائي الشيعي حصرياً، بل على النواب الحاضرين من دون استثناء حتى منهم التغييري ابراهيم منيمنة الذي قرر التزام قرار المجلس الدستوري الذي أكّد صراحةً "صلاحية مجلس النواب بإقرار القوانين بظل الفراغ الرئاسي" إنما تناسى فقرة عدم استسهال التشريع في مرحلة الشغور هذه. كما أنه، لا توضيح نُشر للناس من باب التفسير لهم "من أين سيتم تمويل صرف الرواتب هذا؟ وهل هناك من يشتري سندات الخزينة إن طُبعت لهذا القصد؟ ومن هي الجهة التي ستهب لبنان ديوناً إضافية في ظل الشغور الرئاسي والأسلوب التعطيلي الدائر؟ وهل هناك من مردود كافٍ من الدولار الجمركي؟ وما الذي يبرر عدم إعداد وإقرار موازنة عام 2023 دام فتح الاعتمادات فيها عامر؟"‌

وفيما انتجت المقاربات الخاطئة لطبيعة الصراع في لبنان حالة الانسداد التشريعي، عادت سيمفونية "الانتخابات النيابية المبكرة" على وقع الترويج لعودة الرئيس سعد الحريري إلى الصورة السياسية المحلية من باب ذكره عرضياً في زيارات لأحمد الحريري يقوم بها نيابةً عنه.

وإلى الذروة الدرامية وصل الحسم المبكر لاستحقاقَي "انتهاء ولاية مجلس إدارة جمعية المصارف" و"انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان": لتمديد واضح للمجلس الحالي برئاسة سليم صفير، وإلى تخريجة قانونية تسمح بشكلية تسليم موقع الحاكمية صورياً، على أن تبقى سيطرة سلامة على مصرف لبنان قائمة بصفة "مستشار أوّل" وبصلاحيات واسعة تشمل مهامّ لوجيستية وإداريّة يوميّة فلا يُوقع على التعاميم والقرارات بل يُهندسها ويُديرها ويفرضها ويُقررها.

وفي هذه المعادلة التوافقية في القطاع المالي بعد اقرار طباعة الرواتب، وهي لا شك معادلة قائمة بمباركة من "حزب الله" الذي يتوارى خلف اليسار الرافض للمصارف، وإنما حقيقة راضٍ عن التمديد المقنّع لسلامة... قد تكون الوصاية السّورية بمقابل ذلك، أوضح مرشحي حزب الله لرئاسة الجمهورية اللبنانية، فثنائي الاستئثار بالحكم على صلابة كتلتهما ومناصريهما تشريعياً، لا يبدو أنهما مؤهلان لقيادة "حوارٍ" منظّم وهادف لما يترتّب على ذلك من استماع واستجابة وتفاعل وليونة. والكتل الأخرى، ما خلا المعارضين الـ32، تعيش في أتون صراعاتها الداخليّة ليبقى باب المفاجآت مفتوحاً على مصراعَيه لجهة التوصّل إلى حلٍّ لا يُحتِّم بالضرورة ارتهان لبنان تماماً لمحور إيران.

حزب الله ليس متاحاً للاستماع إلى وجهة نظر الطّرف الآخر، حتى ولو ذهب الخصوم والحلفاء حدّ التعاون ضدّه والالتزام بتفاهمات "هجينة" بين أطرافٍ غير متجانسين وتقاطعٍ جمع ين تغييريين وقوّات وكتائب وتجدّد وتقدميين اشتراكيين ومُستقلّين وتيّار!... لا بل، يُتوقّع ألا يكون أيّ حوارٍ مُفترض مجديًا ولا آمنًا، وقد يكون من الأفضل فهم الواقع والتعامل معه بالمُمكن فلا ينبغي النظر للمرشحين الرئاسيين بعين العواطف ولا البرامج ولا الأسماء... كما لا ينبغي الانخداع بفكرة الاصطفافات، فتحرير المجلس النيابي والانقلاب على رئيسه الرابح بفارق صوتٍ واحد، أعمق اصطفافاً من التصويت لصالح الهيمنة الكُليّة لفريق مذهبي واحد مُسلّح دون الجميع.

ختاماً، وبعد أن لعب "التيار الوطني الحر" دور "الجوكر" الذي اصطفّ لجهة المعارضة اللبنانية داعماً المرشح الرئاسي جهاد أزعور، عاد ليلعب أيضاً الدور نفسه اليوم لصالح الجهة المعاكسة في رسالة واضحة مفادها "الأمر لي". فهل وصلت إشارات باسيل المبطّنة لحزب الله؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة