"ليبانون ديبايت"
يمكن القول إن مشروع قانون تنظيم أوضاع المصارف، قد انتقل من البحث من المستوى التقني إلى المستوى السياسي، بحيث تحول إلى عنوانٍ سجالي يستحضر عنوان التعثر المالي الذي أعلنه لبنان بعد الإنهيار، وما تبعه من استثمار سياسي في الشعارات الشعبوية التي تُرفع منذ العام 2019 وتتعلق بحماية الودائع و"قدسيتها"، علماً أن هذه الشعارات لم تحل دون تذويب ودائع اللبنانيين بنسبة تتجاوز ال77 في المئة.
ويعتبر الباحث والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، أن أسباب قرار سحب هذا المشروع من النقاش في الحكومة، ليست سياسية فقط، مؤكداً بأن تسريبه منذ أسابيع، هدف إلى رصد ردود الفعل عليه، فتبيّن أنه "غير قابل للحياة". ويقول الخبير فرح في حديثٍ ل"ليبانون ديبايت"، إن ما ظهر أخيراً، دلّ على معارضة شديدة من كل الأطراف المعنية وليس السياسية فحسب، وذلك من قبل المودعين الذين رفضوا ما قام عليه المشروع من شطب للودائع من خلال المواربة ومن دون الإعلان عن ذلك، إذ يوحي بأنه تمت صياغته لإعادة الودائع، بينما من الناحية الواقعية لن يعيد الودائع الى اللبنانيين.
أمّا الطرف الثاني المعارض، يضيف فرح، فهي المصارف التي وجدت فيه عملية تصفية شاملة، وليس لمصرف دون آخر، حيث أن العملية الحسابية قد بيّنت أن التصفية ستشمل كل القطاع المصرفي.
أمّا الجانب الأكثر أهمية في المشروع المذكور، وفق فرح، فهو أن الدولة والمصرف المركزي اللذين تبادلا الإتهامات حول المسؤولية عن صياغته، يتحملان مسؤولية كبيرة في الإنهيار وبالتالي بإعادة الأموال التي حصلوا عليها، فمصرف لبنان مسؤول عن إعادة الأموال التي أودعتها المصارف لديه علماً أن قسماً كبيراً منها قد أودعته المصارف بغير إرادتها، بناءً على التعاميم والقرارات التي أصدرها، كما أن الدولة ملزمة بإعادة الديون أو الأموال التي حصلت عليها من مصرف لبنان وأنفقتها وهي أموال المودعين التي كانت في المصارف وانتقلت إلى مصرف لبنان إلى أن أنفقتها الدولة، وبالتالي فإن "إعفاء الدولة ومصرفها المركزي من اي التزام من تسديد أي دين ومن إعادة أي أموال مطلوبة منهما، هو أمر غير مقبول".
وأمّا من الوجهة السياسية، يرى فرح أن تكتلاً سياسياً قد تشكّل بوجه هذا المشروع، لأن القوى السياسية لاحظت النقمة الشعبية على الخطة، المرفوضة من الهيئات الإقتصادية ومن اللبنانيين لأنها تقضي على الإقتصاد وعلى الودائع، فكانت المواقف السياسية المعارضة للخطة، التي لم تواكبها أي إجراءات إصلاحية تطال الدولة والقطاع العام.
ويؤكد فرح بأن الكل يعلم اليوم، وبصرف النظر عن كل يُطرح في هذا المجال، فإن الدولة هي المسؤول الأول والأكبر الأساسي عن الإنهيار وعن استمرار نهج المسار الإنحداري بسبب غياب القرار السياسي بالإصلاحات، وحتى الإصلاحات البديهية الأولية التي تمّ الإتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي، وهنا تكمن المشكلة السياسية ومصدر التشاؤم، بسبب عدم وجود أفق ينبىء بالقدرة على الخروج من الإنهيار الذي وقع فيه لبنان.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News