تمكنت إسرائيل خلال الأشهر الثلاثة الماضية من تنفيذ سلسلة اغتيالات دقيقة وعمليات عسكرية مكثفة، استهدفت قيادات في حماس وحزب الله، من خلال "تنسيق استخباراتي متطور وتعاون دولي"، إلى جانب "استراتيجيات عسكرية مبتكرة"، كما يذكر موقع "أكسيوس" الأميركي.
شنت حركة حماس هجمات غير مسبوقة على إسرائيل قبل نحو عام، أدت إلى مقتل حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وفقًا لأرقام رسمية. وفي المقابل، ردت إسرائيل بقصف مكثف وعمليات عسكرية برية، مما أسفر عن مقتل حوالي 42 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في قطاع غزة.
في لبنان، بدأت جماعة حزب الله بفتح ما سمته بـ "جبهة إسناد" لحماس، اعتبارًا من الثامن من تشرين الأول 2023، واستمرت عمليات القصف المتبادل مع إسرائيل لنحو عام، قبل حدوث تصعيد خطير بالمواجهة في 23 أيلول الماضي.
ركز تقرير لموقع "أكسيوس" الأميركي على العوامل التي ساعدت إسرائيل على تحقيق هذه الاغتيالات خلال فترة قصيرة نسبيًا، مؤكدًا أنها شملت:
منذ بداية الصراع، شكّلت إسرائيل وحدة خاصة داخل جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، هدفها الرئيسي تعقب واغتيال قيادات حماس وحزب الله. اعتمدت هذه الوحدة على جمع معلومات دقيقة من مصادر متعددة، بما في ذلك التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة.
تعاونت الوحدة مع القوات الخاصة الإسرائيلية لتحديد مواقع القيادات المستهدفة في مناطق شديدة التعقيد، مثل الأنفاق الموجودة في غزة. ووفق تقرير سابق نشر على موقع "الحرة"، فقد قتل الجيش الإسرائيلي والشاباك العديد من كبار أعضاء حماس في الأشهر الأخيرة، أبرزهم زعيم الحركة يحيى السنوار، ومحمد الضيف، القائد العسكري الذي لم تؤكد حماس مقتله حتى الآن، ومروان عيسى، نائب ضيف، ورافع سلامة، قائد لواء خان يونس التابع لحماس، وأيمن نوفل قائد لواء غزة الأوسط، وأحمد رندور قائد لواء شمال غزة.
لعبت الاستخبارات الأميركية دورًا حيويًا في دعم العمليات الإسرائيلية، حيث كانت هذه الشراكة مهمة بشكل خاص في تعقب السنوار، العقل المدبر لهجمات 7 تشرين الأول. على الرغم من إفلاته عدة مرات، تمكنت القوات الإسرائيلية من تحديد مكانه وقتله بعد اشتباك مع مسلحين، دون أن يدرك الجنود هوية السنوار في البداية.
وفي تقرير سابق لصحيفة "هآرتس" العبرية، تم الكشف عن أن السنوار لم يكن على اتصال بأي شخص خارج الأنفاق لفترة طويلة نسبيًا. ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن "خلايا" مكونة من قوات خاصة وضباط استخبارات من الولايات المتحدة بدأت في مساعدة إسرائيل بعد وقت قصير من هجمات السابع من تشرين الأول، وكان لها دور في تضييق نطاق البحث عن السنوار.
نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين أنه بعد أيام من الهجوم غير المسبوق لحماس، أرسلت واشنطن "بشكل سري" العشرات من أفراد قوات الكوماندوز إلى إسرائيل، للمساعدة في تقديم المشورة في جهود استعادة الرهائن. وذكرت أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث انضمت مجموعة من ضباط الاستخبارات، عمل بعضهم مع وحدات الكوماندوز الموجودة في إسرائيل، والبعض الآخر عمل عن بُعد من مقر الاستخبارات المركزية في فيرجينيا.
ساعدت الجهود الاستخباراتية إسرائيل في تحديد المحتجزين الأربعة الذين أنقذتهم القوات الإسرائيلية في حزيران الماضي. كما قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، إن معلومات مخابرات أميركية ساعدت إسرائيل في تعقب قادة حماس بمن فيهم السنوار.
نفذت إسرائيل هجمات باستخدام تقنيات متطورة، مثل الغارات الجوية الدقيقة والتفجيرات عن بُعد. كانت إحدى أبرز العمليات التي استهدفت حزب الله، تفجيرات أجهزة الاتصال عن بُعد (النداء والاتصالات اللاسلكية). تسببت تلك التفجيرات في مقتل وإصابة الآلاف من عناصر الحزب، بما في ذلك عدد من كبار القادة. اتهمت الجماعة اللبنانية إسرائيل بالوقوف خلف العملية التي لاقت انتقادات دولية، إلا أن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ نفى "وجود صلة".
وفي حديث سابق لموقع "الحرة"، أوضح المستشار في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، عنان وهبي، أن تلك التفجيرات تمثل "الجيل الرابع من الحروب"، مشيرًا إلى أنها تعكس تطورًا تكنولوجيًا متقدمًا في الصراع.
بالإضافة إلى استهداف القادة العسكريين، تم تنفيذ عمليات اغتيال ضد قيادات سياسية في التنظيمات المعادية لإسرائيل. كانت إحدى أبرز تلك العمليات في طهران، حيث تم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في تفجير استهدف مقرًا حكوميًا إيرانيًا. وقد اتهمت إيران وحماس إسرائيل بالوقوف وراء الاغتيال، دون أن تعلق الأخيرة.
وعن مقتل هنية، قال العميد منير شحادة، المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفل"، إنه "لا يمكن أن نتغافل عن قدرات وإمكانيات إسرائيل التقنية والتكنولوجية في مجال التجسس". برأيه، تمتلك إسرائيل "قدرات وتقنيات سرية عالية في هذا المجال، وتتحكم بأقمار اصطناعية للحصول على ما تحتاجه من معلومات.
لم تقتصر عمليات إسرائيل على استهداف القيادات بشكل منفرد، بل اعتمدت على تنفيذ سلسلة من الضربات المتزامنة والمركزة. نفذت هجمات جوية وبرية استهدفت مراكز القيادة والتخزين والأسلحة لدى حماس وحزب الله في فترة قصيرة. ومن بين هذه العمليات اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله، في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتدمير ترسانة الصواريخ التابعة للحزب.
كانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد أوضحت في وقت سابق أن القادة الإسرائيليين "كانوا على علم بمكان وجود نصر الله منذ عدة أشهر، لكنهم قرروا استهدافه في أواخر أيلول الماضي، لأنهم اعتقدوا أن لديهم نافذة زمنية قصيرة قبل أن يختفي مرة أخرى في مكان مختلف".
إلى جانب الاغتيالات والاستهدافات، ركزت إسرائيل على تدمير البنية التحتية للمنظمات المسلحة. خلال العمليات، تم تدمير أجزاء كبيرة من ترسانة الصواريخ والأسلحة لدى حزب الله، واستهداف مخازن الأسلحة ومراكز القيادة. ساهمت هذه العمليات في إضعاف قدرات التنظيمات المسلحة على الرد وتنفيذ هجمات مضادة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News