اقليمي ودولي

سكاي نيوز عربية
الأربعاء 09 نيسان 2025 - 09:09 سكاي نيوز عربية
سكاي نيوز عربية

لقاء نتنياهو وترامب: رسائل "مشفّرة" وتفاصيل ملفوفة بالغموض

لقاء نتنياهو وترامب: رسائل "مشفّرة" وتفاصيل ملفوفة بالغموض

وصف محللون زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، أمس الثلاثاء، بأنها ثقيلة بالرسائل، مثقلة بالتوقيت، ومحفوفة بالأسئلة. جاء ذلك بعد أن وصل نتنياهو إلى العاصمة الأميركية للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب.


على الرغم من الرمزية السياسية لهذا اللقاء، جاءت تفاصيله مشوشة وملفوفة بالغموض، بعد إعلان البيت الأبيض بشكل مفاجئ إلغاء المؤتمر الصحفي المشترك، الذي كان من المقرر عقده عقب اللقاء الرسمي.


تزامنت الزيارة مع حراك دبلوماسي محموم في المنطقة، وخاصة في القاهرة، حيث عقدت قمة ثلاثية جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ضمن دفع أوروبي وعربي للبحث عن صيغة دبلوماسية لإنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، وفتح نافذة سياسية في جدار الأزمة المسدود.


الإلغاء المفاجئ للمؤتمر الصحفي لم يكن مجرد تفصيل بروتوكولي. وأكد مراسل "سكاي نيوز عربية" في واشنطن، أبو بكر أحمد، أن "الخطوة أثارت الكثير من التساؤلات، خاصة أن هذا اللقاء كان يُفترض أن يُتوّج بإعلان سياسي أو رسالة مشتركة، لكنها غابت، ليبقى الغموض هو العنوان العريض".


وأضاف أن البيت الأبيض اكتفى بتصريحات مقتضبة عن "ضيق الوقت" و"تغيير في البرنامج"، فيما رفض مكتب نتنياهو التعليق.


وأشار أبو بكر إلى أن نتنياهو يزور واشنطن وسط ضغوط غير مسبوقة في الداخل الإسرائيلي وغليان في المشهد الإقليمي. وقال: "هو يدرك تمامًا أن صورته مع ترامب تحمل قيمة رمزية لناخبيه، لكنها بلا مضمون سياسي واضح حتى الآن".


على الطاولة، حضر ملف غزة كأولوية ضاغطة. وبينما تدفع واشنطن وعواصم عربية نحو وقف شامل لإطلاق النار، يواصل نتنياهو التمسك بخيارات عسكرية، ويراهن على تمديد الدعم الأميركي، خصوصًا الجمهوري، لضمان "حرية العمليات" في القطاع، ورفض أي صيغة سياسية تقود إلى تسوية مع حماس أو حتى العودة لمسار حل الدولتين.


وفي حديثه لبرنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، قال المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، جوناثان واتشيل: "الإدارة الأميركية تواجه ضغطًا داخليًا هائلًا من الديمقراطيين التقدميين، والشارع الأميركي الذي أصبح أكثر حساسية تجاه الصور القادمة من غزة.


ولكن في الوقت ذاته، هناك جناح قوي في واشنطن خصوصًا داخل الحزب الجمهوري يرى أن دعم إسرائيل يجب أن يبقى دون شروط". وأوضح واتشيل أن "نتنياهو يعوّل على ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، كضمانة لإغلاق باب أي مسار تفاوضي مستقبلي حول غزة أو الضفة".


رغم التكتم الإعلامي على فحوى اللقاء، تتسرب من دوائر صنع القرار في تل أبيب معلومات تشير إلى محاولة نتنياهو طرح أفكار تتعلق بـ"صفقة تبادل" لإنهاء المواجهة في غزة مرحليًا، دون التزامات سياسية بعيدة المدى، مع بقاء القوات الإسرائيلية في أجزاء من القطاع، وفرض واقع أمني دائم على الحدود.


ويطرح بعض المحللين أن جزءًا من زيارة نتنياهو يهدف لاختبار مواقف ترامب من ترتيبات ما بعد الحرب، بما في ذلك "خطة التهجير الجزئي" لسكان غزة، التي تروج لها أوساط يمينية في حكومة نتنياهو، وتواجه رفضًا دوليًا واسعًا.


وحذر واتشيل من أن "أي حديث عن تغيير ديموغرافي أو فرض حلول قسرية على غزة سيزيد من تعقيد الوضع، ويجعل أي مبادرة سياسية مجرد وهم". وأضاف: "المعادلة اليوم معقدة للغاية، والولايات المتحدة – حتى في حال عودة ترامب – لن تستطيع تبني سياسة تقوم فقط على المقاربة الأمنية دون كلفة استراتيجية".


اللافت أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن جاءت بالتزامن مع حراك دبلوماسي عربي – أوروبي مكثف، بلغ ذروته في قمة القاهرة الثلاثية التي ركزت على تثبيت وقف إطلاق النار، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، والعودة إلى المسار السياسي. في المقابل، تبدو إسرائيل – أو على الأقل حكومة نتنياهو – وكأنها تسير في مسار مناقض، يعتمد على "استثمار اللحظة" لفرض وقائع استراتيجية جديدة تتعلق بغزة والضفة والحدود الشمالية مع لبنان.


وتؤكد تصريحات نتنياهو الأخيرة، وإصراره على استمرار العمليات حتى "تحقيق النصر الكامل"، أن أي حديث عن تهدئة دائمة ما زال بعيدًا عن حسابات تل أبيب. وهذا يعزز – بحسب أبو بكر أحمد – "الخشية من اتساع رقعة الحرب في حال استمرار تجاهل المسارات الدبلوماسية، وتقديم الحسابات الانتخابية على ضرورات التهدئة".


تشير زيارة نتنياهو إلى واشنطن وإلغاء المؤتمر الصحفي إلى أكثر من مجرد خلل بروتوكولي، بل هي لحظة تكشف حجم التعقيد في العلاقة بين إسرائيل وحلفائها التقليديين، وتسلط الضوء على التباينات الداخلية في واشنطن بين المؤسسة الرسمية ومرشح الحزب الجمهوري.


وبينما يتحرك العالم لمحاولة كبح جماح الحرب في غزة، يبدو أن إسرائيل تسعى لكسب الوقت، وتحقيق أكبر قدر من المكاسب الميدانية قبل الدخول في أي تسوية، ما ينذر باستمرار النزيف الإنساني، وتفاقم التوترات الإقليمية.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة