من المتوقع أن ترد أوكرانيا، اليوم الأربعاء، على إطار عمل لاتفاق سلام اقترحته الولايات المتحدة، يتضمّن اعترافًا أميركيًا بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، واعترافًا "فعليًا وغير رسمي" بسيطرة موسكو على أجزاء واسعة من الأراضي التي دخلتها منذ بداية الهجوم في شباط 2022، وفق ما كشفه موقع "أكسيوس" نقلًا عن مصادر مطلعة.
وتعتبر كييف أن المقترح منحاز بشكل واضح لمصلحة موسكو، إذ يمنحها مكاسب استراتيجية ملموسة، في مقابل صيغ فضفاضة وغامضة لما يُمكن أن تحصده أوكرانيا من ضمانات وتعويضات.
الوثيقة، المؤلفة من صفحة واحدة، سُلّمت إلى مسؤولين أوكرانيين الأسبوع الماضي في باريس، ومن المفترض أن تشكل محور محادثات جديدة تُعقد اليوم في لندن، بحضور ممثلين عن واشنطن وكييف ودول أوروبية. ونقل "أكسيوس" عن مسؤول أميركي أن أوكرانيا أبدت إشارات أولية حول إمكانية مناقشة وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 30 يومًا كبديل عن الإطار المقترح أميركيًا.
وفيما وصف البيت الأبيض هذا العرض بأنه "الفرصة الأخيرة" التي يطرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب، لوّح مسؤولون في الإدارة الأميركية بإمكانية انسحاب واشنطن من الوساطة بالكامل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في فترة قصيرة.
وتتضمن الخطة بنودًا واضحة تعكس مكاسب كبيرة لروسيا، أبرزها الاعتراف الرسمي بسيطرتها على القرم، واعتراف "فعلي وغير رسمي" بسيطرتها على معظم منطقة لوغانسك، إضافة إلى أجزاء من دونيتسك وخيرسون وزاباروجيا. كما تنص على تقديم ضمان بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مع الإبقاء على إمكانية انضمامها لاحقًا إلى الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن رفع العقوبات الغربية المفروضة منذ العام 2014 وتعزيز التعاون الاقتصادي بين موسكو وواشنطن، لا سيما في مجالات الطاقة والصناعة.
في المقابل، لا يزال ما ستحصل عليه أوكرانيا محاطًا بالغموض، إذ تورد الوثيقة وعودًا بـ"ضمان أمني قوي" من عدة دول أوروبية وأخرى "ذات فكر مشابه"، من دون تحديد طبيعة هذه الضمانات أو آليات تنفيذها. وتشمل البنود الأخرى استعادة جزء صغير من منطقة خاركيف، وحرية مرور غير معاقة عبر نهر دنيبرو، إضافة إلى مساعدات وتعويضات لإعادة الإعمار، من دون أي إيضاحات حول مصادر التمويل أو الجدول الزمني.
الوثيقة تشير أيضًا إلى أن محطة زاباروجيا للطاقة النووية – الأكبر في أوروبا – ستُعتبر أرضًا أوكرانية، لكن إدارتها ستُسند إلى الولايات المتحدة، على أن تُوزَّع الكهرباء التي تُنتجها بشكل متساوٍ بين أوكرانيا وروسيا. كما تتضمن الخطة اتفاقًا منفصلًا بين واشنطن وكييف حول المعادن، يُتوقّع توقيعه بعد غدٍ الخميس.
وبحسب صحيفة "فاينانشال تايمز"، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبدى خلال لقاء جمعه بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في سان بطرسبرغ هذا الشهر، استعدادًا لتجميد خطوط القتال الحالية، شرط التخلي عن مطلب السيطرة الكاملة على المناطق الأربع المتنازع عليها.
رغم ذلك، لا تزال العواصم الأوروبية تُبدي تحفّظها حيال نوايا موسكو، خصوصًا في ظل غياب أي التزام روسي واضح بسحب القوات أو السماح بدخول قوات حفظ سلام دولية. ويُنتظر أن يعقد ويتكوف اجتماعًا رابعًا هذا الأسبوع مع بوتين في موسكو، علمًا أنه سيتغيب مع وزير الخارجية ماركو روبيو عن محادثات لندن لأسباب تتعلق بالجدول الزمني، على أن يُمثّل الإدارة الأميركية المبعوث كيث كيلوغ.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن ترامب "يشعر بالإحباط إزاء الطرفين" ويأمل بوقف القتل، مشيرة إلى أن "المفاوضات لا تزال جارية".
من جهته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده مستعدة للدخول في محادثات مباشرة مع روسيا، مؤكّدًا أن وقف إطلاق النار غير المشروط سيكون الأولوية في محادثات لندن، التي قد تشكل نقطة تحول في النزاع المستمر منذ أكثر من عامين. ودعا زيلينسكي موسكو إلى تقديم رد واضح على اقتراح الهدنة، في وقت أشار فيه الكرملين إلى أن بوتين "مستعد للنقاش"، شرط أن تُظهر كييف التزامًا فعليًا بوقف إطلاق النار.