على الرغم من تشريع التعديلات على قانوني السرية المصرفية والنقد والتسليف، لا تزال هذه الخطوة تستحوذ على اهتمامٍ بالغ في الأوساط المالية والإقتصادية، في ظل نقاشٍ في الكواليس عن الجهات التي تقف وراء التعديل والتي منعت أي مناورات بشأنه كتلك التي حصلت في العامين 2021 و2022. وفي معرض الردّ على هذا النقاش، يؤكد عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة اليسوعية الدكتور فؤاد زمكحل، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، إن جهات داخلية وأطرافاً غربية وإقليمية وخليجية، قد سعت إلى ممارسة ضغوطٍ "قصوى" على الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي، من أجل إقرار التعديل الكبير وصولاً إلى "رفع السرية المصرفية"، وإن كان صندوق النقد الدولي قد أتى في مقدمة هذه الأطراف نظراً للمطالب والشروط التي وضعها من أجل دعم لبنان، ومن بينها تعديل قانون السرية المصرفية منذ العام 2019 بعد انهيار القطاع المصرفي.
وعن توقيت الضغط الخارجي للتعديل الذي يسمح برفع السرية المصرفية، يقول الدكتور زمكحل إنه يعود إلى رغبة دولية وعربية بدعم لبنان وتمويل مشاريع عملية إعادة الإعمار، إنما شرط مواكبة وتحصين التمويل الخارجي للعملية، وذلك من أجل عدم تكرار تجربة ضياع التمويل الذي حصل عليه لبنان في مؤتمري باريس الأول والثاني، عندما حصل لبنان على مليارات الدولارات من الدول المانحة الغربية والخليجية، وتمّ إهدارها بسبب الفساد وانعدام الشفافية.
من جهةٍ أخرى، يؤكد زمكحل أن توقيت الإمتثال للشروط المالية الدولية، باتت أكثر نضوجاً بعد العام 2019، فيما أن الظروف والمناخات الدولية قد تغيرت خلال هذه المرحلة، حيث أن الجهات الرقابية في لبنان كما المؤسسات الدولية، تبحث حالياً أسباب وصول لبنان إلى الإنهيار والأزمة المالية والمصرفية التي قال مرصد صندوق النقد الدولي إنها أزمة "متعمّدة" .
ولا يُخفي زمكحل تأييده للرقابة المالية ورفع السرية المصرفية، إلآّ أنه يسأل عن ظروف تطبيقها التي قد تحمل في طياتها أهدافاً مريبة مثل تصفية الحسابات السياسية الداخلية والإقليمية، وليس الإلتزام بالمعايير الدولية بطريقة شفافة وواضحة، للعودة إلى النظام المالي الدولي رغم أن الطريق إليه سيكون شائكاً.