وجّه رئيس اتحاد البحر المتوسط للمبارزة والرئيس الفخري للاتحاد اللبناني للمبارزة زياد الشويري، كتابًا مفتوحًا إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، ناشده فيه التدخّل العاجل لإنقاذ الرياضة اللبنانية من انهيار وشيك، وصفه بأنه "تهديد وجودي" يُنذر بعزلة دولية عن الساحة الرياضية العالمية، بسبب تفاقم الخلافات والانقسامات السياسية والطائفية التي باتت تتحكّم بالاتحادات والمؤسسات الرياضية.
وجاء في نص الرسالة: "تحية الوطن والواجب والرياضة التي باتت تُحتضر على مرأى من الجميع، أكتب إليكم، لا كخبير في الرياضة فقط، بل كمواطن يرى في الرياضة مرآة لوطن يُراد له أن ينكسر في كل ميادينه، حتى تلك التي كانت تُجمّل صورته في زمن القبح".
الشويري حذّر من أن الرياضة اللبنانية تقف على شفير الإيقاف الدولي الكامل، وخصوصاً بعد بدء بعض الهيئات الدولية بإجراءات عقابية بحق عدد من المسؤولين الرياضيين والاتحادات، على خلفية التجاوزات القانونية والتدخّلات السياسية في انتخابات اللجنة الأولمبية اللبنانية.
وكشف أن هناك دعوتين انتخابيتين متضاربتين لاختيار هيئة إدارية جديدة للجنة الأولمبية اللبنانية: واحدة في 16 أيار بدعوة من اللجنة الأولمبية الدولية، وأخرى في 14 أيار بدعوة من تحالف محلي، يستند إلى إفادة من وزارة الشباب والرياضة، لكنها "لن تنال يوماً اعترافاً دولياً"، بحسب الشويري.
ويأتي هذا التصعيد بعد أشهر من التجاذبات بين أطراف سياسية وحزبية حول تركيبة اللجنة الأولمبية، حيث تم تسجيل تدخّلات مباشرة من بعض الأحزاب في تشكيل الأندية، واستصدار قرارات قضائية "عشوائية"، كما وصفها الشويري، أدّت إلى انقسام عمودي داخل الجسم الرياضي. وسبق أن أعربت اللجنة الأولمبية الدولية عن قلقها الشديد من التدخّلات السياسية، مهددةً بإجراءات تصعيدية في حال لم تُعالج المخالفات.
كما يُذكر أن وزارة الشباب والرياضة اللبنانية واجهت انتقادات حادة من قبل عدد من الاتحادات، متهمةً إياها بـ"التحيّز" ومحاولة فرض أمر واقع لا يتماشى مع الميثاق الأولمبي، الذي يحصر صلاحية الإشراف على انتخابات اللجنة الأولمبية باللجنة الدولية حصراً، لا بأي جهة رسمية محلية.
وأضاف الشويري، "إن ما يجري ليس خلافاً تقنياً في إدارة رياضية، بل هو فرز سياسي وطائفي حاد، تُستغل فيه الرياضة كأداة نفوذ، لا كقيمة وطنية جامعة"، مشيراً إلى انتشار ظواهر مقلقة كـ"رشاوى تُقدَّم في الانتخابات، وترهيب وترغيب يُمارَس على الاتحادات، واستحداث أندية وهمية".
وحمّل الشويري السلطة الرسمية مسؤولية التغاضي عن هذا العبث، معتبراً أن بعض الأطراف "تتحدّى اللجنة الأولمبية الدولية"، في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية، مما قد يقود إلى تدمير مستقبل الرياضيين اللبنانيين بالكامل.
وفي ختام رسالته، ناشد الشويري الرئيس جوزاف عون التدخّل الشخصي، داعياً إلى تشكيل لجنة من ثلاثة أو أربعة خبراء مستقلين، توكل إليهم مهمة صياغة تسوية عادلة تحفظ شرعية الرياضة اللبنانية تحت سقف اللجنة الأولمبية الدولية، وتعيد إليها هيبتها ومهنيتها، بعيداً عن المحاصصة والترضيات.
وختم بالقول: "إن الرياضة ليست ترفاً، بل هي عنصر سيادي، ثقافي، اقتصادي، وتربوي. لا تتركوها تنهار. تدخّلكم اليوم هو طوق النجاة الأخير. نرجوكم أن تفعلوه، قبل أن نصحو على عزلة دولية تامة، وخراب لا يمكن ترميمه".
وجاء في نص الرسالة الكامل:
"كتاب مفتوح إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية
العماد جوزاف عون،
تحية الوطن والواجب والرياضة التي باتت تُحتضر على مرأى من الجميع،
أكتب إليكم، لا كخبير في الرياضة فقط، بل كمواطن يرى في الرياضة مرآة لوطن يُراد له أن ينكسر في كل ميادينه، حتى تلك التي كانت تُجمِّل صورته في زمن القبح.
فخامة الرئيس،
الرياضة اللبنانية اليوم ليست بخير، بل هي في خطر داهم، مهددة بالإيقاف الدولي، والتجميد الكامل لحضورها على الخارطة الرياضية العالمية. ولم نعد أمام أزمة عابرة يمكن تجاوزها بترقيع أو مجاملة، بل أمام انهيار شامل يهدد كل البنية الرياضية في لبنان.
إن ما يجري ليس خلافاً تقنياً في إدارة رياضية، بل هو فرز سياسي وطائفي حاد، تُستغل فيه الرياضة كأداة نفوذ، لا كقيمة وطنية جامعة.
نشهد اليوم كيف تُقسَّم الاتحادات بين اصطفافات سياسية، وكيف تُستثار النعرات الطائفية، ويُستخدم النفوذ لاستصدار قرارات قضائية عشوائية لا تمت للعدالة ولا للرياضة بصلة.
نشهد اندفاعاً نحو إنشاء أندية وهمية تفرز اتحادات فاسدة، واستنسابية فاضحة في قرارات رسمية يُفترض بها أن تكون وطنية بامتياز، لكنها تُتخذ للأسف على أسس سياسية وطائفية.
إننا أمام مشهد مُهين: رشوات تُقدَّم في انتخابات اتحادية، وترهيب وترغيب يُمارَس على الاتحادات لإمالتها إلى هذا الطرف أو ذاك، في وقت تتجاهل السلطة الرسمية، أو تُشجّع ضمناً، هذا العبث القاتل.
والأخطر من ذلك كله، أن بعض الأطراف تذهب إلى تحدي المرجعية الرياضية الدولية، اللجنة الأولمبية الدولية، ورفض تنفيذ توصياتها، ما يضعنا جميعاً على مسار التصادم المباشر مع المجتمع الرياضي الدولي.
فخامة الرئيس،
نحن على موعد مع كارثة: دعوتان من جمعيتين عموميتين لانتخاب هيئة إدارية للجنة الأولمبية اللبنانية. واحدة في 16 أيار تستمد شرعيتها من اللجنة الأولمبية الدولية، وأخرى في 14 أيار تنطلق من تحالف محلي، يعوّل على إفادة من وزارة الشباب والرياضة لن تنال يوماً اعترافاً دولياً.
وها هي اللجنة الأولمبية الدولية وبعض الاتحادات الدولية قد بدأت باتخاذ إجراءات بحق عدد من المسؤولين الرياضيين والاتحادات، وما الحبل إلا على الجرّار. إنها علامات الانهيار، ونذير الانعزال الكامل عن المحافل الدولية، ما يعني تدمير أحلام أبطالنا، وقتل مستقبل رياضيينا، وتشويه صورة لبنان في أهم واجهة مشرقة متبقية له.
فخامة الرئيس،
إننا أمام انقسام خطير، وسط غياب سلطة تُلزم وتُوحّد. ففريق يتهم وزارة الشباب والرياضة بالتحيّز، وفريق آخر يريد فرض أمر واقع لا يخدم إلا تقاسم النفوذ. والنتيجة: لا رابح في هذا الصراع، بل خسارة وطن بأكمله. والخاسر الأكبر هو شبابنا، رياضيونا، أبطال لبنان.
وفي هذا السياق، من غير المفهوم كيف ولماذا تم إقحام وزارة الشباب والرياضة كطرفٍ مباشر في هذا النزاع.
فلعلّ البعض غفل، أو أراد أن يتغافل، عن أن الوزارة المعنية هي راعية للرياضة اللبنانية بمختلف قطاعاتها، لكنها ليست صاحبة صلاحية في انتخابات اللجنة الأولمبية اللبنانية التي تخضع، بحسب الميثاق الأولمبي، لسلطة اللجنة الأولمبية الدولية وحدها.
فمن الخطير أن تُحمَّل الوزارة ما لا تملك من صلاحيات، أو أن تُستخدم كأداة لترجيح كفة على أخرى في معركة لا يجب أن تكون فيها أي جهة رسمية طرفاً.
لهذا، فإنني، ومعي كل الغيورين على مستقبل الرياضة اللبنانية، أناشدكم كأب للجمهورية، أن تتدخلوا فوراً، تدخلاً وطنياً نزيهاً، تُكلَّف بموجبه لجنة من ثلاثة أو أربعة خبراء مستقلين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، لصياغة تسوية عادلة ومنصفة تُبقي الرياضة اللبنانية تحت مظلة اللجنة الأولمبية الدولية، وتعيد الاعتبار لمفهوم المصلحة العامة لا المحاصصة.
نريد تسوية تُنقذ، لا تسوية تُقايض.
نريد حلولاً تُبنى على الكفاءة والنزاهة، لا على الترضيات والتسويات العقيمة.
نريد رياضة تبني وطناً، لا تُستعمل كأداة لتقسيمه وتدميره.
فخامة الرئيس،
إن الرياضة ليست ترفاً، بل هي عنصر سيادي، ثقافي، اقتصادي، تربوي. لا تتركوها تنهار. تدخلكم اليوم هو طوق النجاة الأخير. نرجوكم أن تفعلوه، قبل أن نصحو على عزلة دولية تامة، وخراب لا يمكن ترميمه.
بكل احترام، وبكل أمل،
زياد الشويري
رئيس اتحاد البحر المتوسط للمبارزة
الرئيس الفخري للإتحاد اللبناني للمبارزة".