صادق البرلمان الأوكراني، يوم الخميس، على اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة تهدف إلى إنشاء صندوق مشترك لإعادة إعمار أوكرانيا، مانحًا واشنطن حق الوصول إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية، في خطوة وصفها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بـ"التاريخية"، تأتي ضمن جهد أوسع لتأمين دعم أميركي طويل الأمد في ظل استمرار العملية العسكرية الروسية.
وبحسب وكالة إنترفاكس - أوكرانيا، نال القانون تأييدًا واسعًا، حيث أُقرّ بأغلبية 338 صوتًا من أصل 450 نائبًا، متجاوزًا بكثير العتبة المطلوبة لإقراره، والمتمثلة بـ226 صوتًا.
وفي منشور عبر منصة "إكس"، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، يوم الخميس، مؤكدًا أن "الاتفاقية تمثل وثيقة تاريخية بحق، وتفتح العديد من الفرص الجديدة للتعاون البنّاء مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات، خصوصًا على المستوى الاستثماري والاقتصادي".
ونقلت إذاعة ساسبيلين العامة عن وزيرة الاقتصاد الأوكرانية، يوليا سفيريدينكو، أن الولايات المتحدة "مستعدة للاستثمار في اقتصاد أوكرانيا وفي باطن أرضها"، مشيرة إلى أن الاتفاقية لا تشمل أي ديون أوكرانية ترتبط بعمليات نقل الأسلحة الأميركية السابقة، وأن أوكرانيا "تحتفظ بكامل ملكية المعادن والموارد الجوفية".
ومن المنتظر، بحسب مصادر رسمية، أن يتم توقيع اتفاقيتين إضافيتين خلال الأسبوع المقبل، لتحديد التفاصيل التقنية والإدارية المرتبطة بالصندوق المشترك، وآلية توزيع المشاريع، وشروط الشفافية والرقابة المالية.
وتأتي هذه الاتفاقية بعد أسابيع من مفاوضات مكثفة بين الجانبين، وسط تطورات لافتة على الساحة الدولية منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحكم مطلع كانون الثاني الماضي، والذي أعاد رسم سياسة واشنطن الخارجية، لا سيما في ما يتعلق بالمساعدات الخارجية والتحالفات العسكرية.
فرغم استمرار الدعم الأميركي العسكري والسياسي لكييف، شهدت العلاقة بين البلدين تغيرًا نوعيًا منذ مطلع 2025، حيث بدا أن إدارة ترامب تسعى إلى تحويل الدعم إلى شراكة قائمة على الاستثمار المباشر والمصالح الاقتصادية المتبادلة، لا على الدعم المفتوح وغير المشروط كما كان الحال في عهد الإدارات السابقة.
تخوض أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات حربًا مفتوحة ضد روسيا، بدأت مع التوسع الكبير للعملية العسكرية الروسية في شباط 2022، وقد واجهت كييف هذه الحرب بمساعدة غربية ضخمة شملت دعمًا عسكريًا وماليًا واستخباراتيًا، قادته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
غير أن التحولات السياسية في الغرب، بما في ذلك عودة ترامب إلى الحكم، وتصاعد التوجهات القومية والشعبوية في بعض الدول الأوروبية، أدت إلى إعادة تقييم الدعم المقدم لكييف، ما دفع القيادة الأوكرانية إلى السعي لتأطير هذا الدعم ضمن شراكات استراتيجية طويلة الأمد، بدلاً من الاعتماد فقط على المساعدات الطارئة.