ومما يظهر من حديث أورتيغاس، عن الإصلاحات الإدارية والمصرفية، فإن المقاربة الأميركية قد تجاوزت الشؤون المتعلقة بالسلاح إلى رسم صورة جديدة للواقع اللبناني، تضع في الأولية مسألة حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية، ومنع أي استنزاف للزخم الحالي لكي تحصل الإصلاحات على الأرض وليس فقط على الورق، كون استعادة الثقة بالدولة لن تكون كافية إلا بخطوات أمنية تؤدي إلى الإستقرار وإخراج لبنان من دائرة الإعتداءات الإسرائيلية اليومية التي لا تتوقّف.
وفي حين يستمر الجدل الداخلي حول ربط أي نقاش في مصير السلاح غير الشرعي، بسلسلة خطوات تبدأ بالإنسحاب الإسرائيلي ولا تنتهي بإطلاق مسيرة الإعمار، يبرز في المقابل حزم أميركي بضرورة تأمين الإستقرار الأمني والسياسي من خلال الشرعية اللبنانية، وذلك من أجل أن تنطلق عجلة الإستثمار في لبنان، والتي ستشكل بديلاً عن أي برنامج تمويل من قبل صندوق النقد الدولي.
لكن في ظل هذه الشروط الأميركية، فإن أوساطاً ديبلوماسية واسعة الإطلاع، تتوقّع أن تستغرق عملية الإصلاح أو حصر السلاح فترة زمنية غير قصيرة، ما يشي بتعليق أي تطوّر على مستوى دراماتيكي في الملفين المذكورين، وبالتالي تكشف الأوساط عن وجود احتمال ببقاء الأمور على واقعها الحالي، بمعنى أن أي عملية تدفع باتجاه إنجاز ملف تسليم السلاح غير الشرعي، معلّقاً على عدة استحقاقات داخلية وإقليمية في آن.
أما على مستوى الإصلاحات وسلوكها سكّة التنفيذ، فإن الأوساط الديبلوماسية، تتحدث عن استراتيجة محدّدة في خطاب القَسَم والبيان الوزاري للحكومة، من أجل تنفيذ الإصلاحات، تزامناً مع حصرية السلاح، خصوصاً وأن العنوانين متّصلين كون الإصلاح يتطلّب بيئة مستقرّة أولاً، ومكافحة للهدر والفساد ونزع الغطاء عن أي رموز ارتبطت أسماؤها بكل ما ساهم في الوصول إلى واقع الإنهيار الحالي، واستفادت من الغطاء الذي أمّنته له الدولة العميقة. وتستدرك الأوساط الديبلوماسية، بأن هذا الزمن انتهى، وعلى الرغم من التريّث أو التأخير في تطبيق المسار الإصلاحي، فإن تحوّلات لا يمكن إنكارها قد انطلقت في المنطقة، ولا بد من أن تؤثر على لبنان، حيث المواكبة الحثيثة من قبل واشنطن للوضعين اللبناني والسوري على حد سواء، فيما تبقى إسرائيل تعمل على تنفيذ أجندتها الخاصة، بمعنى أن عودة شبح الحرب قد تكون ممكنة في حال استمرّ البطء في ترجمة العناوين المرفوعة من قبل في هذا السياق.