لم تُخفّف إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان من المخاوف اللبنانية المتصاعدة من احتمال اندلاع حرب جديدة، خصوصاً في ظل استمرار الانتهاكات شبه اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 27 تشرين الثاني 2024، وتكرار الرسائل الميدانية التي تتجاوز في دلالاتها مجرد تبديل وحدات عسكرية.
فقد أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن "قيادة المنطقة الشمالية أعادت تنظيم قواتها على الحدود مع لبنان، وقررت إعادة لواء الجليل إلى مسؤولية السيطرة على كامل خط التماس"، مضيفة أن "هذه الخطوة مقررة منذ أشهر، وتأتي في ظل ما تعتبره إسرائيل استقرارًا نسبيًا في الوضع الحدودي". وأشارت الإذاعة إلى أن لواء 146، الذي شارك في العمليات العسكرية الأخيرة ضد لبنان، سيخرج لفترة استراحة وتجديد.
ويُذكر أن اللواء 146 كان قد انتشر عند الحدود قبيل اندلاع الحرب الموسّعة في أيلول الماضي، والتي استمرت 66 يومًا، وشهدت خلالها مناطق الجنوب عمليات توغل وتدمير واسع للقرى الحدودية عبر التفجير والتجريف، في خرق واضح لوقف إطلاق النار. كما ما تزال إسرائيل تحتل خمس نقاط حدودية تطالب الدولة اللبنانية المجتمع الدولي بالضغط من أجل انسحابها منها.
في هذا السياق، قلّل النائب محمد خواجة من دلالات هذا التموضع الجديد، واعتبر في تصريح لـ"الشرق الأوسط" أن "التحركات الإسرائيلية على الحدود، وتبديل القوات، تأتي في إطار روتيني ولا تعني بالضرورة اقتراب حرب وشيكة"، لكنه حذّر في الوقت عينه من أنّ "السيناريو الحربي يبقى احتمالًا دائمًا في ظل سياسة إسرائيل العدوانية، وأي عدوان لن يكون مؤشّره تبديل وحدة هنا أو هناك فقط".
وأشار خواجة إلى أنّ "إسرائيل ما زالت تواصل تصعيدها الميداني منذ أكثر من ستة أشهر، ولم تلتزم عمليًا بأي هدنة أو تفاهم، رغم كل ما أُعلن عنه"، منتقدًا الدور الأميركي في هذا المجال، قائلاً: "الولايات المتحدة، باعتبارها الراعي الأساسي لهذه التفاهمات، لا تحترم التزاماتها، بل تمنح إسرائيل غطاءً سياسيًا كاملاً لاستمرار عدوانها على لبنان".
وشدد على التزام لبنان الكامل، رسميًا وميدانيًا، بتنفيذ القرار 1701، معتبرًا أنّ "الجانب الإسرائيلي لم يلتزم به يومًا، وفق ما تؤكده تقارير دورية صادرة عن قوات اليونيفيل".
وحذّر خواجة من أن "أي مغامرة عسكرية جديدة لن تمرّ من دون ردّ"، مشيراً إلى أن "الوضع الحالي قد يخدم الحسابات الإسرائيلية مرحليًا، لكن أي تصعيد كبير سيواجه بردّ واضح من الجيش اللبناني والمقاومة".
وختم خواجة: "الجهوزية مطلوبة، ومتابعتنا دقيقة، والحديث عن حرب شاملة لا يزال مبكرًا، لكنه ليس مستبعدًا".