المحلية

الجمعة 20 حزيران 2025 - 00:58

ترامب يُهدّد لبنان: الحياد أو الحرب

ترامب يُهدّد لبنان: الحياد أو الحرب

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


تُوِّجت زيارة مبعوث الرئيس الأميركي إلى سوريا، وسفير واشنطن في تركيا، توم باراك، بسلسلة من التحذيرات التي أطلقها على مسامع مستقبليه في بيروت، تضمنت تهديدًا واضحًا من مغبّة ما أسماه "انخراط حزب الله في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل".


بحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، لم تكن زيارة باراك دافئة أبدًا، بل سادتها أجواء سلبية في مختلف المحطات، من بعبدا إلى عين التينة.


تعمّد باراك توجيه تحذيرات مباشرة إلى اللبنانيين، تحت غطاء "نصائح" حثّت على "لجم" حزب الله ومنعه من التورّط في الحرب. وأشار خلال لقاءاته إلى أن واشنطن "تمتلك معلومات حول احتمال تدخل الحزب في الصراع بين إسرائيل وإيران"، مؤكدًا أنه "ينقل رسالة واضحة إلى لبنان تحذّر من هذا الخيار".


وقد أرفق باراك تحذيراته – التي جاءت وفق مبدأ الكلام الدبلوماسي الناعم الملفوف بلغة ومضمون قاسيين – بموقف صريح من على منبر قصر بعبدا، قال فيه إن "تدخّل حزب الله في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية سيكون قرارًا سيئًا جدًا"، مضيفًا: "يمكنني أن أتحدث باسم الرئيس ترامب، الذي كان واضحًا للغاية، وكذلك المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، بأن هذا سيكون قرارًا سيئًا جدًا جدًا جدًا".


التحذيرات الأميركية لم تكن جديدة، وعكست مستوى القلق الأميركي من انغماس الحزب، إذ سبقتها رسالة نُقلت عبر مسؤولين لبنانيين إلى حارة حريك، حملت نبرة عالية السقف بشأن احتمال انخراط الحزب إلى جانب إيران. غير أن المبعوثين اللبنانيين أكدوا أنهم مجرّد ناقلين للرسالة، ما دفع الحزب إلى الردّ برسالة أقسى، رفض فيها أي حديث "بصيغ تنطوي على تهديد". هذا التصعيد دفع إلى إرسال موفد ثانٍ بهدف إعادة تصويب موقف الدولة منعًا للّبس.


من الواضح أن باراك جاء إلى لبنان على وقع حملة تمهيدية استعراضية، تولّى إدارتها الفريق ذاته الذي عمل سابقًا مع نائبة ويتكوف، مورغان أورتاغوس، التي جرى استبعادها من منصبها. وقد أمضى هذا الفريق (الذي نقل البارودة سريعًا) أيامًا في تسريب مضامين إلى وسائل الإعلام، ترافقت مع رفع سقوف التوقعات وتمرير معطيات حول "لغة حازمة" سيعتمدها باراك في وجه المسؤولين اللبنانيين.


ولم يكن خافيًا أن توقيت زيارة المسؤول الأميركي جرى ضبطه على إيقاع الحرب الإسرائيلية على إيران، وتم توظيفها لتصعيد الخطاب السياسي، وللضغط داخليًا على الدولة اللبنانية من أجل الدفع باتجاه تنفيذ ما يُسمّى "مشروع نزع سلاح حزب الله"، تحت تهديد احتمال انتقال المعركة إلى الأراضي اللبنانية.


وبحسب المصادر، فإن حزب الله، الذي يمتلك معطيات حول خلفيات الزيارة ويراقب التحركات الإسرائيلية، يتعامل حاليًا بهدوء حذر، لكنه اختار التريّث مؤقتًا في شأن الاتصالات بشأن ملف "السلاح".


يكشف مصدر واسع الاطلاع لـ"ليبانون ديبايت" أن باراك كان في أغلب جولته مستمعًا أكثر منه متحدثًا. هذا ينسجم مع طبيعة مهمته المرتبطة بإيصال رسالة فقط وليس التفاوض عليها. وأشار المصدر إلى أن باراك زار لبنان بصفته مبعوثًا خاصًا للملف السوري، مكلفًا بشكلٍ مؤقت متابعة الملف اللبناني، وليس بصفته مسؤولًا أميركيًا مكلفًا هذا الملف. وقد أوضح هذه النقطة في لقاءاته.


ولتأكيد هذه الرواية، لم يحضر باراك برفقة مبعوث الرئيس ترامب إلى أفريقيا، بولس مسعد، خلافًا لما رُوّج له في بيروت سابقًا. وتُفيد معلومات "ليبانون ديبايت" بأن غياب بولس يعود لقرار أميركي بتعليق مشاركته نتيجة لتجاوزات ارتكبها مؤخرًا، أبرزها عقد لقاء ثلاثي في القاهرة جمعه مع الرئيس اللبناني جوزاف عون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إبان زيارة الأول إلى مصر، من دون علم أو تفويض من واشنطن ودون إخطارها. ما زاد الطين بلّة أن مسعد طلب إبقاء اللقاء سريًا، قبل أن يُكشف أمره لاحقًا.


تُفيد المصادر أن "اللغة" الخشنة التي استخدمها باراك في بيروت قوبلت بردود فعل تقنية. وقد سمع من محدثيه (لا سيما في بعبدا وعين التينة) ردًا على سؤاله "أين أصبحت خطط نزع سلاح حزب الله"، بأن المطالبة الأميركية الدائمة بتعاون أكبر في موضوع "نزع السلاح" (أو حصريته وفق المفهوم اللبناني) لا تستقيم في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة التي تقوّض المهمة الرسمية اللبنانية.


وفي موقف بدا أنه تم التوافق عليه مسبقًا بين الرؤساء الثلاثة، تم إبلاغ باراك أن لبنان قدّم ما عليه من التزامات في إطار اتفاق 27/11 ومندرجات القرار الدولي 1701، لا سيما فيما يتعلق بمنطقة جنوب الليطاني، وقد وُضع في صورة أن بيروت باتت تفضّل اتباع سياسة "خطوة بخطوة" مع إسرائيل. بمعنى: إذا أوقفت إسرائيل اعتداءاتها، انتقل لبنان إلى خطوات إضافية. وأُبلغ أنه يتعذر عليه المضي في القيام بمهامه طالما أن إسرائيل ما زالت تحتل خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية. وقد فُهم هذا الموقف على أنه قرار لبناني بتعليق تنفيذ الخطط العملانية التي كان الجيش اللبناني يتولى تنفيذها. ويتناغم هذا مع موقف سابق لقائد الجيش، العماد رودولف هيكل، الذي لوّح بوقف التنسيق مع "الميكانزم" في حال استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، لا سيما بعد الغارات الأخيرة على الضاحية الجنوبية مطلع الشهر الجاري.


ويُلاحظ، في السياق ذاته، انخفاض وتيرة انتشار الجيش جنوب الليطاني، خصوصًا عند قرى الحافة، من دون أن يعني ذلك تراجعًا في أداء الأدوار العسكرية. بل سُجّل حضور لافت للجيش في المنطقة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على إيران.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة