وبحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، تحاول الحكومة، ضمن إمكانياتها المحدودة، معالجة هذا الملف الشائك بالتنسيق مع وزارة المالية، التي تعمل على إعداد دراسة شاملة لإعادة هيكلة الإدارة العامة، تشمل مراجعة جذرية لسلسلة الرتب والرواتب. إلا أن هذا المسار يتطلّب وقتًا، إذ لا يمكن إقرار أي خطة إصلاحية أو تعديل للرواتب خارج إطار مشروع الموازنة العامة.
وفي هذا السياق، تؤكّد المعلومات أن هناك توجّهًا لوضع خطة متكاملة لإعادة هيكلة الإدارة وتفعيل قطاعاتها، غير أن هذا التوجّه يبقى مشروطًا بتأمين تمويل كافٍ ومستدام، لا سيّما في ظلّ الأزمة المالية والاقتصادية العميقة، التي فاقمتها الحرب الأخيرة واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية، ما جعل الوضعين الاقتصادي والاجتماعي أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
عضو الهيئة الإدارية في رابطة موظفي الإدارة العامة، إبراهيم نحّال، شدّد في حديثه إلى "ليبانون ديبايت" على أن الرابطة ستبقى رأس الحربة في مواجهة السلطة السياسية، قائلاً: "ما نشهده اليوم هو محاولة ممنهجة لضرب القطاع العام، عبر الدفع نحو التعاقد والخصخصة وبيع المرافق، وهذا ما لن نقبل به ولن نسمح بتمريره".
وأضاف بلهجة غاضبة: "طفح الكيل. نحن موظفون مهمّشون، كرامتنا مهدورة، وحقوقنا مسلوبة، ومستقبلنا مجهول. كيف يمكن أن نبني دولة برواتب لا تتعدى 30% من قيمتها الأساسية؟ كيف يُعقَل أن يُحال الموظف إلى التقاعد بتعويض لا يتجاوز ألف دولار؟"
ويطالب نحّال، ومعه سائر موظفي الإدارة العامة، بإقرار سلسلة جديدة للرتب والرواتب، تتضمن دمج جميع الملحقات والمساعدات ضمن الراتب الأساسي، بما يساهم في إعادة التوازن إلى المداخيل، وتوفير حدّ أدنى من الاستقرار المالي والمعنوي للموظف، الذي كان ولا يزال أحد أعمدة الإدارة اللبنانية.
ويختم نحّال برسالة تحذيرية إلى الحكومة: "هذا الإضراب التحذيري قد يكون الخطوة ما قبل الأخيرة. وإذا لم تُلبَّ المطالب المحقة، فإننا نتجه نحو إضراب مفتوح وتحركات تصعيدية في الشارع".
في بلدٍ يتهاوى فيه كل شيء، يبقى صوت الموظف العام صرخةً لا بد أن تُسمَع، قبل أن يدخل لبنان في نفق تعطيل جديد، وهذه المرّة من بوابة الإدارة، التي لطالما شكّلت عصب الدولة ورافعة مؤسساتها.