كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة عن تورّط أكثر من 60 شركة عالمية كبرى في دعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والحرب الجارية على قطاع غزة.
التقرير الذي أعدّته المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، استند إلى أكثر من 200 مذكرة من دول ومنظمات حقوقية وأكاديميين وشركات، ودعا إلى وقف الأنشطة التجارية مع إسرائيل، ومساءلة الإدارات التنفيذية ماليًا وقانونيًا، بسبب قناعة المشاركين بأن هذه الشركات تستفيد من النزاع البنيوي في الأراضي الفلسطينية.
ومن أبرز الشركات التي وردت في التقرير، معظمها أميركية: غوغل، ومايكروسوفت، وآي بي إم، وكاتربيلر، ولوكهيد مارتن، إلى جانب هيونداي الكورية الجنوبية. واتهم التقرير هذه الشركات بالمشاركة في نظم المراقبة التي تساهم في القمع، وتصنيع الأسلحة، والتسبّب في تدمير الممتلكات بالأراضي الفلسطينية.
ويمثّل التقرير توسيعًا لقائمة أممية سابقة صدرت عام 2023، كانت تركّز فقط على الشركات المرتبطة بالمستوطنات، بينما يغطي التقرير الجديد جوانب أوسع تتعلق بالحرب على غزة.
ووصفت ألبانيزي الوضع بالقول: "بينما تُمحى الحياة في غزة ويستمر التصعيد في الضفة الغربية، يكشف هذا التقرير أن ما يُسمّى بالإبادة الجماعية يستمر ببساطة لأنه مربح لكثير من الأطراف".
وأضافت أن هذه الشركات "مرتبطة ماليًا بالتمييز العنصري والعسكرة الإسرائيلية"، وهو ما ينطوي، بحسب التقرير، على شبهات بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.
ركّز التقرير بشكل خاص على الشركات التالية:
لوكهيد مارتن وليوناردو: تحمّلهما مسؤولية توريد أسلحة يُرجّح استخدامها في غزة. وردّ متحدث باسم لوكهيد مارتن بأن هذه الصفقات تُعقد بين حكومات، والإدارة الأميركية هي المرجعية القانونية.
كاتربيلر وهيونداي للمعدات الثقيلة: متهمتان بتوفير معدات ساهمت في تدمير ممتلكات فلسطينية، ما يصنّفه التقرير كجزء من تدمير القطاع المدني.
شركات التكنولوجيا مثل غوغل (ألفابت)، أمازون، مايكروسوفت، وآي بي إم: اعتبرها التقرير جزءًا أساسيًا من منظومة المراقبة الإسرائيلية التي تسهّل الهجمات على المدنيين.
وسبق أن ردّت شركة ألفابت بأن عقدها الذي تبلغ قيمته 1.2 مليار دولار لخدمات الحوسبة السحابية لا يتعلّق باستخدام عسكري أو استخباراتي لإسرائيل.
بلانتير: وُجهت إليها اتهامات باستخدام تقنيات ذكاء اصطناعي لصالح الجيش الإسرائيلي، رغم عدم توفر تفاصيل دقيقة عن تطبيقاتها الميدانية.
وصفت بعثة إسرائيل في جنيف التقرير بأنه "مخالف للقانون" ويحتوي على "ادعاءات تشهيرية"، معتبرة أنه يسيء لمكانة الأمم المتحدة.
أما البعثة الأميركية في الأمم المتحدة - نيويورك، فطالبت الأمين العام أنطونيو غوتيريش بإدانة فرانشيسكا ألبانيزي وإقالتها، واعتبرت أن تقاريرها تستهدف شركات عالمية وتشكّل نوعًا من "الحرب الاقتصادية" بالتعاون مع أطراف مناهضة لإسرائيل.
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل تواصل تبرير عملياتها العسكرية في غزة تحت عنوان "الدفاع عن النفس"، بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023، رغم الخسائر الإنسانية الكبيرة التي نجمت عن الحرب.
وأكدت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء تجاوز 56000، معظمهم من النساء والأطفال، فيما تحوّل القطاع إلى "ركام" بفعل القصف المستمر والحصار.
من المقرّر عرض التقرير أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، المؤلف من 47 دولة. ورغم أن قراراته ليست ملزمة قانونيًا، غالبًا ما تُستخدم تقاريره كأساس قانوني لتقديم دعاوى أمام المحاكم الدولية.
وكانت إسرائيل والولايات المتحدة قد انسحبتا من المجلس في وقت سابق من العام، بدعوى "انحيازه ضد إسرائيل"، ما قد يعزّز إمكانية تجاهل التقرير رسميًا رغم تزايد الضغط الدولي.
واختتمت ألبانيزي بالقول إن "ما دام الربح قائمًا، سيبقى النزاع أسير معادلة المال أولًا"، معتبرة أن استمرار ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية" مرتبط بلقاءات تجارية مربحة أكثر من ارتباطه بالأمن.