في أول زيارة دولة لرئيس فرنسي إلى بريطانيا منذ العام 2008، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، إلى شراكة أوثق بين باريس ولندن لمواجهة التحديات العالمية، محذرًا من "الاعتماد المفرط" على الولايات المتحدة والصين، ومشددًا على ضرورة حماية أوروبا من التبعية الاقتصادية والجيوسياسية.
وفي خطاب استثنائي ألقاه باللغة الإنكليزية أمام مجلسي البرلمان البريطاني، قال ماكرون إن على فرنسا والمملكة المتحدة أن "تُظهرا للعالم مرة أخرى أن تحالفهما قادر على صنع الفارق"، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الكبرى هو التعاون الوثيق والعمل المشترك.
الزيارة التي تُعد الأولى لرئيس أوروبي منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، شهدت أيضًا استقبالًا رسميًا من العائلة المالكة البريطانية في قلعة وندسور، حيث احتفى ماكرون بتعزيز العلاقات الثنائية، في خطوة ترمز إلى إعادة ترميم الثقة بين البلدين بعد سنوات من التوتر بسبب "بريكست".
ماكرون شدد على أهمية التعاون في مجالات الدفاع، والهجرة، والمناخ، والتجارة، مُلوّحًا بجملة من التهديدات الجيوسياسية التي تتطلب يقظة أوروبية، أبرزها تنامي النزعات الإمبريالية ومخاطر التبعية الاقتصادية للولايات المتحدة والصين. وقال: "علينا حماية اقتصاداتنا ومجتمعاتنا من هذه التبعية المزدوجة".
وفي سياق دولي، أكد ماكرون دعم بلاده الثابت لأوكرانيا، قائلاً إن "الأوروبيين، وفي طليعتهم الفرنسيون والبريطانيون، لن يتخلوا أبداً عن كييف"، متعهداً بمواصلة السعي لوقف إطلاق نار يُمهّد لمفاوضات تؤسس لسلام دائم، لأن "أمننا ومبادئنا على المحك في أوكرانيا".
وفي ما يخص الحرب في قطاع غزة، أطلق ماكرون نداءً صريحاً لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، قائلاً: "نحن كأوروبيين لا نكيل بمكيالين... نريد وقف إطلاق نار دون نقاش"، مشدداً على أن الاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين يمثلان السبيل الوحيد لبناء السلام في الشرق الأوسط.
وفي الشأن الاقتصادي، أعلن قصر الإليزيه أن شركة الطاقة الفرنسية العامة ستستحوذ على 12.5% من مشروع محطة نووية بريطانية جديدة في شرق إنجلترا، في مؤشر على تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين.
وسيُتوّج ماكرون زيارته الخميس باجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ضمن "تحالف الراغبين"، وهو تحالف دولي تعهد بدعم القدرات الدفاعية لأوكرانيا. كما من المقرر عقد قمة ثنائية لبحث ملفات الدفاع ومكافحة الهجرة غير النظامية، وسط وعود بتحقيق نتائج "ملموسة".