وفي تطور لافت بالتوازي مع هذا التصريح، عُقدت يوم السبت اجتماعات مباشرة بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، تناولت ملفات أمنية حساسة، وكان الملف اللبناني في صلب النقاش. للمرة الأولى منذ عقود، يجتمع طرفان عدوان لمناقشة مصير بلد ثالث: لبنان.
مشهد التقسيم؟
تتقاطع معلومات دبلوماسية وأمنية دولية حول سيناريو بات يُطرح بجدية في كواليس القرار الإقليمي: تقسيم لبنان.
وفقًا لتلك المعلومات، فإن السيناريو الأكثر تداولًا ينص على تمدد إسرائيلي حتى نهر الليطاني جنوبًا، مقابل سيطرة سورية على الشمال (طرابلس وعكار) والبقاع، ما سيُبقي “جبل لبنان” ضمن حدود شبيهة بخارطة ما قبل عام 1920.
ولكن هذه الخارطة ليست مجرد خطوط على الورق، بل تحمل معها خطر انفجار داخلي جديد. إذ يُحذّر مراقبون من اندلاع حرب أهلية مصغرة داخل “جبل لبنان” بين المكون الشيعي المدعوم من حزب الله، والمكون المسيحي الذي يرى نفسه آخر حصن للكيان اللبناني. صراع قد يكون دمويًا على “من يحكم” جبل لبنان المصغر.
نسخة مكررة من التسعينات؟
في المقابل، تبرز مقاربة ثانية على الطاولة، أقل دراماتيكية لكن لا تقل خطورة: إعادة إحياء صيغة ما بعد الطائف.
بحسب هذه المقاربة، قد تعود سوريا إلى لبنان عسكريًا، ولكن من دون ضم رسمي، بل بهدف “الاستقرار”. أما في الجنوب، فتفرض إسرائيل منطقة منزوعة السلاح بعمق استراتيجي داخل الأراضي اللبنانية، تمنع عبرها أي تهديد أمني مستقبلي من حزب الله.
هي إذًا معادلة “الاحتلال الناعم”: سوريا تدير الشمال والبقاع، وإسرائيل تراقب الجنوب، ولبنان الرسمي يتحول إلى كيان هامشي فاقد القرار والسيادة.
الوقت ينفد؟
في ظل تعنت حزب الله وغياب القرار اللبناني المركزي، يبدو أن الساحة تُعاد رسمها خارجيًا. القوى الدولية تناقش لبنان وكأنه غائب عن الطاولة، فيما السلطة في بيروت تمارس إنكارًا جماعيًا للواقع.
سواء اختار الخارج سيناريو التقسيم، أو فرض احتلالًا ناعمًا جديدًا، فإن الثابت الوحيد هو أن القرار لم يعد لبنانيًا.
والسؤال الأخطر: هل دخلنا فعليًا في العد العكسي؟