باتت حكومة بنيامين نتنياهو تواجه خطر التفكك الفعلي بعد أن أصبحت تعتمد على أغلبية هشة من صوت واحد فقط في الكنيست الإسرائيلي، وذلك عقب إعلان كتلة "يهدوت هتوراه"، أحد أبرز شركائه المتشددين، انسحابها من الائتلاف الحاكم، احتجاجًا على الصيغة المعدّلة لمشروع قانون التجنيد الإلزامي لليهود المتدينين (الحريديم).
ووفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، جاء الانسحاب بعد خلاف عميق حول بنود القانون الذي طالما كان مثار جدل في الأوساط السياسية والدينية الإسرائيلية، لا سيما في ما يتعلق بإعفاء طلاب المدارس الدينية التوراتية من الخدمة العسكرية الإلزامية.
وأعلن فصيل "ديجل هاتوراه"، أحد جناحي الكتلة، استقالته من الحكومة، مؤكّدًا أن الصيغة النهائية للقانون التي وُزّعت مساء الإثنين على النواب الحريديم، انحرفت عن الاتفاقات السابقة. وقال المتحدث باسم الزعيم الروحي للفصيل، الحاخام دوف لانداو، إن القرار جاء "تماشيًا مع تعليمات الحاخام، بعد أن ثبت أن الحكومة لم تلتزم بتعهداتها بشأن طلاب التوراة".
وأوضح المتحدث أن الحاخام لانداو شدّد على أن "موقف أعضاء الكنيست الحريديم ليس سياسيًا بل عقائديًا يتعلق بالدفاع عن قدسية الدراسة الدينية"، وطالبهم بالاستقالة الفورية.
وبذلك، يصبح الائتلاف الحاكم بزعامة نتنياهو مكوّنًا من 61 نائبًا فقط من أصل 120، بعد انسحاب نواب "يهدوت هتوراه" الستة، ما يعني أن أي انشقاق صغير من داخله قد يؤدي إلى إسقاط الحكومة أو فقدانها القدرة على تمرير القوانين المفصلية.
ورغم أن الانسحاب لا يُسقط الحكومة بشكل فوري، إلا أن الاستقالات ستدخل حيّز التنفيذ خلال 48 ساعة، ما قد يدفع بنتنياهو إلى الارتهان أكثر لحزبي "عوتسما يهوديت" و"نوعام" المتشددين، في محاولة لحماية الغالبية البرلمانية الضئيلة.
ويأتي هذا التصدع الجديد بعد أشهر من الاحتجاجات المتصاعدة داخل إسرائيل ضد السياسات الحكومية، والانقسامات الحادة بشأن صلاحيات القضاء، والتوترات الداخلية في الائتلاف نفسه، خاصة في ما يتعلق بالعلاقة بين الدولة العبرية والحريديم، الذين يمثلون قاعدة انتخابية أساسية لنتنياهو، لكنهم يعارضون بقوة التجنيد الإجباري.
ويُعيد هذا التطور إلى الواجهة سؤال استقرار حكومة نتنياهو التي قامت على ائتلاف قومي - ديني - يميني هش، ظل طوال العام الماضي عرضة للابتزاز السياسي من أطرافه، وقد يتجه نحو سيناريوهات متعددة، من بينها التعديل الوزاري، أو حتى الذهاب إلى انتخابات مبكرة في حال تفاقم الخلافات.