نشرت صحيفة صاندي تايمز البريطانية مقابلة مع ياسر أبو شباب (35 عاماً)، الذي يُتهم بقيادة جماعة مسلّحة يقال إنها تنشط برعاية مباشرة من الجيش الإسرائيلي في جنوب وجنوب شرق قطاع غزة. وبحسب ما نقلته الصحافية مينيا مينزيز، يُنظر إليه في أوساط إسرائيلية كـ"نقيض ضروري" لحركة حماس، فيما يعتبره منتقدوه "خائناً" أو زعيماً لعصابة منظمة تستغل موقعها لنهب المساعدات المخصصة للمدنيين الجائعين.
أبو شباب نفى خلال المقابلة أي تعاون مع إسرائيل، مشيراً إلى أنه كان "عامل بناء عادياً من دون تدريب عسكري"، مضيفاً: "أنا فلسطيني يهتم بشعبه".
الصحيفة سلّطت الضوء على مجزرة وقعت يوم السبت، حين فتحت القوات الإسرائيلية النار على محتشدين قرب مراكز مؤسسة "غزة الإنسانية"، ما أدى إلى مقتل أكثر من 30 شخصاً، وفق وزارة الصحة في غزة. في المقابل، نفت المؤسسة صلتها بالضحايا، مؤكدة أن الحادثة وقعت خارج مقراتها وقبل بدء توزيع المساعدات، داعية المواطنين إلى تجنّب التجمهر ليلاً أو في ساعات الصباح الأولى.
وفي سياق متصل، لفتت الصحيفة إلى أن تصريحات أبو شباب تتعارض مع ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريح الشهر الماضي، حين قال إن حكومته "فعّلت العشائر المعارضة لحماس في غزة"، واصفاً ذلك بأنه "يحمي جنود الجيش الإسرائيلي".
أبو شباب، بحسب التقرير، كان موقوفاً بتهمة تهريب مخدرات في سجن قصفته إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023. ومنذ الضربة، أُطلق سراحه في ظروف غامضة. وتشير منظمات إغاثة إلى أن جماعته المسلّحة تورّطت في اختطاف شاحنات مساعدات واردة من معبر كرم أبو سالم.
ونقل التقرير عن سام روز، القائم بأعمال وكالة "أونروا" في غزة، قوله إن "جماعة أبو شباب كانت تدير عمليات النهب جنوب القطاع قبل اتفاق وقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني"، مضيفاً أن "شاحنات الوكالة كانت تُجبر على التوقف في شارع صلاح الدين، ورجاله كانوا مسلّحين ويعملون بالقرب من القوات الإسرائيلية، ما يستبعد حصول ذلك من دون موافقة منها".
أبو شباب أنكر هذه الاتهامات، مؤكداً أن "العشائر هي من موّل ظهوره، وليس الجيش الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن فكرة "إنشاء منطقة آمنة" انطلقت من معايشته لمعاناة الناس من الفوضى والنهب، وقال: "قبيلتي بدأت بتوزيع المساعدات على المحتاجين". وأضاف أنه ينتمي إلى عائلة الترابين الممتدة بين غزة ومصر والأردن ودول خليجية، متهماً حماس بشن حملة ضد عائلته بسبب توزيع المساعدات.
ورداً على سؤال عن مصدر السلاح، قال إن "الأسلحة تعود للعائلة، وليست من صنع إسرائيلي".
وأعادت الصحيفة التذكير بتحقيق أُنجز في نيسان 2024 أشار إلى أن شركة "هلا العرجاني" كانت تجني نحو مليوني دولار يومياً، مشيرة إلى أن العرجاني يُعد الوسيط الأوثق لأي جهة في سيناء، بحسب الصحافي مهند صبري، مؤلف كتاب "سيناء: شريان حياة مصر وكابوس إسرائيل". وأوضح التقرير أن مصر تسعى للتموضع كطرف مالي أساسي في غزة بعد الحرب عبر الاعتماد على شخصيات ميدانية مثل أبو شباب.
وعن احتمالية تولّي جماعته إدارة معبر رفح، أجاب أبو شباب بـ"نعم". إلا أن مصيره لا يزال غامضاً بعد صدور أمر من محكمة تابعة لحماس في 2 تموز بتسليم نفسه خلال عشرة أيام بتهمة "الخيانة" و"العمالة".
وفي سياق موازٍ، قال أبو شباب ونائبه غسان الدهيني إن "حماس ستستغل أي اتفاق لوقف إطلاق النار من أجل تصفية المعارضة"، مطالبَين المجتمع الدولي بتأمين الحماية لهما. وذكّرت الصحيفة بأن الدهيني (38 عاماً) اتُّهم سابقاً باختطاف الصحافي ألان جونستون في 2007، وبمبايعة تنظيم "داعش" في 2015، غير أنه نفى ذلك.
بالتوازي، أعلن الدهيني أن منطقته ستكون جزءاً من "المدينة الإنسانية" التي تخطّط لها الحكومة الإسرائيلية لنقل المدنيين الغزيين الخاضعين للتدقيق الأمني، وهو مشروع وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت بأنه "أشبه بمعسكر اعتقال إن لم يُسمح للمدنيين بالمغادرة".
وقال الدهيني: "المنطقة التي نسيطر عليها ستكون جزءاً من هذه المنطقة الآمنة، لكننا نحتاج إلى مساحة أوسع بكثير مما نملك اليوم".
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الاتهام الأساسي الموجّه إلى جماعة أبو شباب يبقى قدرتها على التحرك المسلّح في مناطق تحت سيطرة إسرائيل من دون التعرّض لأي ردّ عسكري، ما يعزز الشبهات حول وجود تنسيق غير معلن مع الجيش الإسرائيلي. ويبرّر الدهيني ذلك بالقول: "نحن نحافظ على سلامتنا ببساطة لأننا لا نهاجم أحداً".