اقليمي ودولي

سكاي نيوز عربية
الاثنين 21 تموز 2025 - 07:37 سكاي نيوز عربية
سكاي نيوز عربية

بعد أحداث السويداء... الملف الكردي الى الواجهة!

بعد أحداث السويداء... الملف الكردي الى الواجهة!

بينما لا تزال تداعيات أحداث السويداء تُلقي بظلالها على المشهد السوري، يتجه الاهتمام شمالًا، حيث تواجه الإدارة الذاتية الكردية وضعًا حرجًا في ظل تساؤلات ملحّة حول احتمال تكرار سيناريو الجنوب السوري في مناطق الأكراد، ومصير "قوات سوريا الديمقراطية" وسط الضغوط المتعددة، وموقف الولايات المتحدة التي تكرر التزامها بوحدة سوريا وترفض مشاريع الانفصال، دون الاصطدام علنًا مع القوى الكردية.


أحداث السويداء لم تكن مجرد اشتباكات، بل مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد خلط الأوراق، وكشف حدود سلطة الدولة المركزية، وهشاشة النسيج الوطني، وعمق التباين بين السلطة والمجتمعات المحلية. ورغم أن الرواية الرسمية وصفت ما جرى بأنه اشتباك مع "عصابات"، إلا أن مشاركة دبابات وراجمات وصواريخ ومسيرات في الهجوم شكّك كثيرون في طبيعة الجهة المنفذة، وتوقيت العملية وأهدافها السياسية.


في هذا السياق، اعتبر مدير مؤسسة "كرد بلا حدود"، كادار بيري، أن ما جرى في السويداء لا يمكن تفسيره بمنطق الخلافات الداخلية فقط، بل يعكس محاولة لفرض نموذج سلطوي جديد من داخل النظام، وهو ما يكشف – برأيه – فشل السلطة المركزية في تحقيق شرعية وطنية حقيقية، ويدفع إلى تساؤلات أكبر حول طبيعة الحكم وصيغ الشراكة في البلاد.


تزامنت هذه التطورات مع لقاء جمع مبعوث الرئيس الأميركي، توماس باراك، بالقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، في العاصمة الأردنية عمّان، أكّد خلاله الجانب الأميركي رفضه لأي كيان مستقل في سوريا، بما يشمل الكرد، مشددًا على دعم وحدة البلاد ورفض أي تقسيم طائفي أو قومي. إلا أن تصريحات باراك التي رفض فيها إقامة "دولة كردية أو درزية أو علوية"، رغم غياب أي مطالب رسمية بذلك، فُهمت على أنها رسائل استباقية موجهة إلى الكرد تحديدًا، في ضوء التوترات السياسية والميدانية المتزايدة.


"قسد"، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية والمدعومة أميركيًا، عبّرت عن رفضها لما جرى في السويداء، واعتبرت في بيان رسمي أن ما حدث يشكل انتهاكًا لتطلعات السوريين، داعية إلى تضافر الجهود الوطنية لضمان عدم تكرار هذه الهجمات. لكنها لا تُخفي قلقها من الحوار مع دمشق، والذي ترى فيه – بحسب بيري – محاولة شكلية لا ترتقي إلى مستوى تفاوض حقيقي، في ظل غياب الاعتراف الدستوري أو أي ضمانات سياسية جدية، واستمرار النظام في التمسك بنموذج مركزي "أثبت فشله" وفق تعبيره.


القلق يتزايد من إمكانية تكرار سيناريو السويداء في الشمال السوري، خاصة مع تصاعد حملات التحريض على الإدارة الذاتية عبر الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وظهور تقارير تتحدث عن شبكات إلكترونية مدعومة من النظامين السوري والإيراني، تسعى لبث الفتنة بين العشائر و"قسد". ويشير بيري إلى أن ما جرى سابقًا في دير الزور من تحريض ضد "قسد" تحت شعار "ثورة عشائرية" تبيّن لاحقًا أنه جزء من عمليات منسقة من فيلق القدس وميليشيات طائفية، وهي نفس الأنماط التي تتكرّر اليوم في السويداء تحت عناوين مختلفة.


الجدل حول مستقبل الدولة السورية يتجدد بدوره، بين من يدافع عن النموذج المركزي التقليدي، ومن يطرح الفيدرالية كخيار سياسي يضمن الشراكة والتمثيل. ويُلفت بيري إلى أن الفيدرالية ليست دعوة للانفصال، بل صيغة إنقاذية تحول دون الانفجار، وتمنع عودة الاحتكار السياسي. ويؤكد أن النموذج الفيدرالي، حين يقوم على العدالة والتمثيل المتوازن، قادر على تجنيب سوريا المزيد من دوامات العنف، وتأمين حقوق جميع المكونات.


في المحصلة، لا يبدو أن الرهانات على الخارج وحده قادرة على إنتاج حل نهائي. فبحسب بيري، لا خلاص من الأزمة السورية من دون حوار داخلي، يعترف بالحقوق، ويكرّس الشراكة الحقيقية. ويضيف: "منذ 14 عامًا، والكرد يُتهمون بالانفصالية، بينما لم يتقدّم أي حزب كردي بطلب إنشاء دولة مستقلة"، مشددًا على أن مشروع الإدارة الذاتية لا يهدف إلى الانفصال، بل إلى بناء نظام تعددي يمنع عودة الاستبداد، ويؤسس لسوريا جديدة تُدار بالتوافق، لا بالإقصاء.


وبين هواجس الانفجار وحتمية التوافق، تبقى وحدة سوريا رهنًا بإرادة السوريين، وقدرتهم على تحويل الجراح إلى بداية سياسية جديدة، تُنهي عصر الهيمنة المركزية وتفتح باب الشراكة الوطنية الكاملة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة