"ليبانون ديبايت"
تشهد مناطق البقاع منذ أيام توترًا متصاعدًا يُنذر بانزلاقات خطيرة، بعدما جاءت بعض التصريحات السياسية لتصبّ الزيت على نار الاحتقان، من خلال خطاب تحريضي اعتُبر خروجًا فاضحًا عن الضوابط الوطنية، وتجاوزًا لمبادئ العيش المشترك والثوابت الوطنية التي ترسّخت رغم كل الأزمات.
وقد تُرجمت هذه الأجواء المتشنّجة ميدانيًا بتحرّكات وقطع طرقات في أكثر من منطقة، أبرزها ضهر البيدر، عاليه، المصنع، والمرج، ما أدّى إلى تعطيل مصالح الناس وتوتير الأجواء في الشارع.
ما أثار الاستياء على نطاق واسع هو غياب أي موقف رسمي حاسم تجاه ما جرى تداوله من كلام خطير يطال الوحدة الوطنية بشكل مباشر، لا سيما في ظل التلميح إلى الاستعانة بأطراف خارجية، الأمر الذي يُعدّ تجاوزًا للخطوط الحمراء، وانقلابًا على الإجماع اللبناني الرافض لأي شكل من أشكال الاستقواء بالخارج أو المسّ بهيبة الدولة وموقعها.
في ظل هذا الصمت الرسمي المقلق، برز تحرّك شعبي وديني مسؤول في محاولة لامتصاص التوتر وضبط النفس. فقد عُقدت لقاءات جامعة في أزهر البقاع ودار الإفتاء في راشيا، شارك فيها مفتي المنطقة إلى جانب عدد من النواب وفعاليات سياسية ودينية من مختلف الطوائف، حيث أكّد المجتمعون على رفض كل أشكال التحريض، والتشديد على وحدة الصف، وأهمية التلاقي في مواجهة الفتنة.
يبقى أن حماية الاستقرار ليست مسؤولية المواطنين وحدهم، بل هي أولًا مسؤولية الدولة، التي يقع على عاتقها تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء، ومحاسبة كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن الناس ومستقبلهم. فالكلمة التي تُطلق من منبر سياسي أو إعلامي لا تُمحى بتوضيح لاحق، بل قد تتحوّل شرارةً في شارعٍ متوتر، لا يُطفئها سوى وعي العقلاء… أو كارثة لا تُحمَد عُقباها.