حذّر المستشار القانوني السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، إيلي باخر، من أن الحرب في غزة فقدت منذ زمن طويل طبيعتها العسكرية البحتة، وتحولت إلى أداة سياسية وأيديولوجية بيد الحكومة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو، لتحقيق أهداف أعمق تتعلق بالتغيير الديمغرافي وضم الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة وتهجير سكانها.
وفي مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، اتهم باخر الحكومة بتطبيق سياسة غير معلنة تقوم على تفريغ القطاع من سكانه الفلسطينيين، انسجامًا مع "خطة الحسم" التي يتبناها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. وقال إن استهداف المدنيين، وتدمير المدن بشكل واسع، وحصر السكان في مناطق معدومة المقومات، خطوات محسوبة تهدف لتهيئة الظروف لطردهم أو دفعهم للمغادرة "طوعًا".
وأضاف أن الغاية الواضحة من هذه السياسة هي منع أي عودة للفلسطينيين إلى مناطقهم المدمرة، وفتح الطريق أمام خطط الضم وإقامة المستوطنات الإسرائيلية في أراضي القطاع، تحت غطاء "القضاء على حماس".
وأشار إلى أن العنف في الضفة الغربية بلغ مستويات غير مسبوقة، في ظل غياب سيادة القانون، وترك الميدان مفتوحًا لاعتداءات المستوطنين، بدعم من سياسات سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ما يعزز عمليات الاستيلاء على الأراضي وطرد المجتمعات الفلسطينية.
حذر باخر من أن صور المجاعة والدمار في غزة أصبحت بطاقة التعريف الجديدة لإسرائيل في نظر العالم، ما يفاقم انهيار مكانتها الدولية، ويعزز صورة حماس كضحية، في ظل فجوة غير مسبوقة بين الخطاب الإسرائيلي عن "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم" والواقع الميداني.
وقال إن هذه السمعة السامة بدأت تؤثر على الاقتصاد، والبحث العلمي، والعلاقات الدولية لإسرائيل، وهي مرشحة للتفاقم.
يرى باخر أن "أحلام الترانسفير" في غزة والضفة ستتحطم على صخرة الواقع الدولي، حتى وإن حظيت بدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأشار إلى أن تراجع نتنياهو أمام الضغوط الدولية، بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، ليس سوى بداية لتنازلات أوسع.
وأكد أن وجود مليوني فلسطيني محاصرين في جنوب القطاع سيولد ضغطًا دوليًا يجبر إسرائيل على التفاوض لإيجاد حل شامل، معتبرا أن العودة لطاولة المفاوضات "نتيجة حتمية" بعد فشل البدائل الوهمية، لكنها ستكون مؤلمة وتحمل أثمانًا باهظة.
حمّل باخر حكومة نتنياهو المسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وعن تدمير ما سماه "القيم الذاتية" لإسرائيل، داعيًا أحزاب المعارضة إلى التحرك العاجل، وطرح بديل سياسي واقعي يوقف سياسات الضم والعنف، ويحمي مستقبل إسرائيل.