تشهد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والهند توتراً متصاعداً على خلفية الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصادرات الهندية، في خطوة تحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية تتجاوز الإطار الاقتصادي، وتضع الشراكة بين البلدين أمام اختبار حقيقي.
وفي مقابلة مع قناة "i24"، أكد ترامب أن واردات الهند ستخضع لرسوم إضافية بنسبة 25% كعقاب على شراء النفط الروسي، تضاف إلى رسوم سابقة بنسبة 25%، ما يرفع إجمالي الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية إلى 50%. وتعتبر هذه النسبة من بين الأعلى المفروضة على أي شريك تجاري للولايات المتحدة، ما يهدد صادرات الهند إلى السوق الأميركية، التي بلغت 87 مليار دولار في 2024، أي ما يعادل 18% من إجمالي صادراتها وأكثر من 2% من ناتجها المحلي الإجمالي.
ووفق تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، فإن الخطوة الأميركية تمثل تحولاً في نهج واشنطن تجاه نيودلهي، بعدما كانت تُعد قوة موازنة للصين على مدى ربع قرن، مشيرة إلى أن ترامب سعى بالتوازي إلى تحسين علاقاته مع باكستان، ومنحها امتيازات تجارية واتفاقيات للتنقيب عن النفط، حتى بعد أشهر من التوتر العسكري مع الهند.
ويرى خبراء أن الرسوم الجديدة قد تخفض الصادرات الهندية المتأثرة بنسبة 40 إلى 50%، خصوصاً في القطاعات كثيفة العمالة مثل المنسوجات والمجوهرات والسيارات، مع تداعيات مباشرة تشمل ضعف الروبية، وارتفاع التضخم المستورد، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، وزيادة تكاليف الاقتراض بالعملات الأجنبية.
الهند أدانت القرار واعتبرته "غير عادل وغير مبرر"، فيما يحذر محللون من أن الإجراءات قد تقوض الميزة التنافسية للصادرات الهندية وتضعف مكانتها كمركز تصنيع إقليمي، مشيرين إلى أن الرسوم المرتفعة تستهدف عملياً علاقتها بروسيا أكثر مما تستهدف العجز التجاري مع الولايات المتحدة.
الخبير الاقتصادي أنور القاسم اعتبر أن الخطوة الأميركية تمثل ضغطاً سياسياً لإبعاد الهند عن روسيا، فيما أوضح الخبير محمد رجائي بركات أن وقف استيراد النفط والغاز الروسي سيرفع كلفة الإنتاج الصناعي ويؤثر على تنافسية المنتجات الهندية، ما قد يؤدي إلى إغلاق مصانع وزيادة البطالة.
وتأتي هذه التطورات فيما صعدت الهند إلى المرتبة الرابعة عالمياً كقوة اقتصادية في 2025، متجاوزة اليابان، إلا أن استمرار الخلافات التجارية مع واشنطن قد يهدد هذا التقدم ويؤثر على نموها الاقتصادي في المدى القريب.
الـــمــــزيــــــــــد
