“ليبانون ديبايت”
شكّل القرار الذي أصدره النائب العام المالي القاضي ماهر شعيتو، أمس، بشأن استعادة الأموال التي تم تحويلها إلى الخارج خلال الأزمة الاقتصادية، محطّ بلبلة واسعة في الأوساط المصرفية، خصوصاً بين كبار المصرفيين وأصحاب المصارف، كونه في مرحلته الأولى يطال هذه الفئة تحديداً، وفق ما كشفت مصادر قضائية لـ”ليبانون ديبايت”. وأكدت المصادر أن “قرار القاضي شعيتو ليس شعبوياً، وإنما يهدف إلى إعادة الثقة بسلامة النقد”.
وفي تفاصيل القرار الذي اطّلع عليه “ليبانون ديبايت”، كلّف شعيتو “كافة الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الوارد ذكرهم في الجدول المسمى (جدول رقم 1/أ) المبرز في الملف والمؤشر عليه بعبارة (كي لا يبدل)، أن يودعوا في حسابات مصرفية لبنانية داخل لبنان ما يوازي المبالغ التي تم تحويلها إلى الخارج بموجب الحوالات المصرفية الحاصلة المبينة في الجدول وبالعملة ذاتها، بهدف إعادة إدخالها في النظام المصرفي اللبناني، وذلك في مهلة شهرين من تاريخ تبلّغ كل منهم مضمون هذا القرار، على أن يتم التنفيذ تحت إشراف النيابة العامة المالية ووفقاً للقيود والشروط التي تضعها، وعلى أن تكون المبالغ المودعة من خارج النظام المصرفي اللبناني راهناً، ليُنظر بعدها بالمقتضى القانوني”.
وبحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، فإن الأشخاص المقصودين في هذا القرار هم في معظمهم من المصرفيين الذين قاموا بتحويل أموالهم إلى الخارج خلال الأزمة، فيما أظهر الجدول المذكور أسماء قلّة من السياسيين. وأضافت المصادر أن قرار شعيتو استند إلى تحقيقات موسعة ومستندات رسمية، ولا سيما الكشوفات التي تُظهر ماهية التحويلات المصرفية الحاصلة خارج البلاد والفترات الزمنية التي تمت خلالها.
كما علم “ليبانون ديبايت” أن بعض الأسماء المندرجة في الجدول برّرت تحويلاتها، مثل إرسال أموال للطلاب في الخارج أو لدواعٍ صحية، بينما لم يقدم معظم المصرفيين أي مبرر، وهو ما اعتبره القاضي شعيتو جرماً جزائياً يضرب الثقة بالنقد ويخالف قانون النقد والتسليف. ويُذكر أن شعيتو كان قد أصدر في العام 2023 قراراً اتهامياً مشابهاً اعتبر فيه أن تحويل الأموال إلى الخارج من دون مبرر قانوني يعرّض صاحبه للمساءلة الجزائية.
وأشارت مصادر “ليبانون ديبايت” إلى أن الخطوة الحالية ستكون فاتحة لسلسلة إجراءات أوسع ستطال شخصيات سياسية ونافذة، وذلك استناداً إلى جداول جديدة ستصل إلى النيابة العامة المالية من مصرف لبنان والمصارف وهيئة التحقيق الخاصة.
وفيما لم يتم الكشف عن القيمة الدقيقة للأموال التي حوّلها المصرفيون إلى الخارج خلال الأزمة، علم “ليبانون ديبايت” أنها تُقدّر بملايين الدولارات، ما يجعل القرار خطوة نوعية في مسار استعادة الثقة بالقطاع المالي اللبناني.