كشفت صحيفة فورين بوليسي الأميركية في تقرير لها عن احتمال اندلاع جولة ثانية من الحرب الإيرانية–الإسرائيلية قبل شهر كانون الأول المقبل، مرجّحة أن تكون أكثر عنفاً ودموية من الجولة الأولى، إذ تسعى إسرائيل لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية، فيما تستعد إيران هذه المرة لخيار المواجهة المفتوحة بهدف كسر الانطباع بأن إسرائيل قادرة على إخضاعها أو فرض هيمنتها العسكرية.
وأشار التقرير إلى أنّ الحرب المقبلة قد تكون أكثر دموية بكثير، خصوصاً إذا خضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجدداً للضغوط الإسرائيلية وانضم إلى القتال، الأمر الذي قد يجرّ الولايات المتحدة إلى حرب شاملة مع إيران "تجعل غزو العراق يبدو سهلاً بالمقارنة".
وأوضح أن الجولة الأولى هدفت إلى تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط، حيث شكّلت القدرات النووية الإيرانية عاملاً مهماً لكنه غير حاسم. وعلى مدى أكثر من عقدين، دفعت إسرائيل واشنطن إلى اتخاذ إجراء عسكري ضد إيران لإضعافها وإعادة تشكيل التوازن الإقليمي، وهو ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه منفردة.
ووفق الصحيفة، فإن الأهداف الإسرائيلية الثلاثة تمثلت في:
جر الولايات المتحدة إلى صراع عسكري مباشر مع إيران.
إضعاف النظام الإيراني.
تحويل إيران إلى "سوريا أو لبنان جديدة" تُقصف دون ردع.
لكن النتائج لم تكن كاملة. فقد حققت إسرائيل "نصراً جزئياً" بعدما نجحت في دفع ترامب إلى استهداف منشآت نووية إيرانية بشكل محدود، لتجنّب حرب شاملة كان يخشاها. وقد أثار ذلك استياءً في تل أبيب، إذ سمح لإيران بمواصلة تطوير قدراتها وفرض دوامة تصعيد مستمرة.
أما الهدفان الآخران فقد باءا بالفشل، إذ رغم اغتيال 30 قائداً عسكرياً و19 عالماً نووياً، لم تتمكن إسرائيل سوى من تعطيل القيادة والسيطرة الإيرانية مؤقتاً. ففي غضون 18 ساعة فقط، كانت طهران قد عوّضت معظم خسائرها وأطلقت وابل صواريخ كثيف، مؤكدة قدرتها على امتصاص الضربات والرد بعنف. كما أنّ مقتل قيادات من الحرس الثوري لم يؤدِّ إلى احتجاجات داخلية، بل وحّد الإيرانيين خلف راية قومية صلبة.
ويُرجّح التقرير أن تبادر إيران في الجولة المقبلة إلى شن ضربات قوية وسريعة منذ البداية، مستندة إلى تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي قال عبر منصة "إكس": "إذا تكرّر العدوان، فلن نتردد في الرد بطريقة أكثر حسماً وبأسلوب يستحيل التستّر عليه". ويرى القادة الإيرانيون أن الكلفة التي يجب أن تتحملها إسرائيل يجب أن تكون هائلة، وإلا فإنها ستواصل استنزاف قدرات إيران الصاروخية تدريجياً.
وأكدت الصحيفة أن كلّاً من ترامب وسلفه جو بايدن استنزفا جزءاً كبيراً من منظومات الدفاع الجوي الأميركية في منطقة لا يعتبرانها حيوية للمصالح الأميركية، إلا أن موافقة ترامب على الضربة الافتتاحية جعلته يسير في "فخ" نصبته إسرائيل، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتمكن من الخروج منه.
وختم التقرير بالتشديد على أن نتيجة الحرب المقبلة ستتوقف على الطرف الذي يتعلم أسرع ويتحرك بشكل أكثر فاعلية. وبما أن إيران لم تعد واثقة بأن الردع التقليدي أو الغموض النووي أو "محور المقاومة" كافٍ، فمن المرجح أن تعيد تقييم استراتيجيتها النووية لمواجهة المرحلة المقبلة.