المحلية

محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت
الخميس 06 تشرين الثاني 2025 - 07:09 ليبانون ديبايت
محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت

حزب الله يؤيد شروط الدولة للتفاوض: هل أصبح تجنّب التصعيد مستحيلاً؟

حزب الله يؤيد شروط الدولة للتفاوض: هل أصبح تجنّب التصعيد مستحيلاً؟

"ليبانون ديبايت" - محمد علوش


في المشهد اللبناني المزدحم بالضغوط والمخاوف، يعود شبح الحرب ليخيّم فوق لبنان، بينما تتكثّف التهديدات الإسرائيلية يومياً بعملية عسكرية يُتوقّع أن تمتدّ هذه المرة إلى بيروت، بحسب بعض الرسائل التي نُقلت إلى العاصمة. غير أنّ الحرب ليست بالضرورة الخيار الوحيد، فثمّة حصار سياسي واقتصادي ممنهج يُراد له أن يجرّ لبنان إلى طاولة مفاوضات مع العدو الإسرائيلي، ولو تحت النار.

في هذه اللحظة، يجد حزب الله نفسه في قلب معادلة معقّدة. فالحزب، الذي خرج من كل مواجهة سابقة أكثر حضوراً، يواجه اليوم حرباً من نوع آخر هدفها تجريده من سلاحه وإدخاله في لعبة التسويات التي ترسمها واشنطن وتُنفّذها بأدوات إقليمية من أجل إعطاء إسرائيل ما عجزت عن تحقيقه في الحروب السابقة. غير أن الحزب، الذي خبر طبيعة الضغوط الأميركية، يدرك أنّ المطلوب ليس اتفاقاً حدودياً أو وقفاً لإطلاق النار، بل نزع أحد آخر عناصر التوازن في المنطقة، وتطويع لبنان نهائياً عبر إدخاله في مسار “التطبيع” لصالح إسرائيل.


تعامل الحزب مع موجة المبادرات الأخيرة، سواء المصرية أو الأميركية، ببرودة، بحسب مصادر مطّلعة على موقفه، إذ يقرأ فكرة “التفاوض غير المباشر” التي يروّج لها بعض الأطراف في الداخل كطريق لتفادي الحرب، على أنها استكمال للحرب بأدوات أخرى. وتُشير المصادر عبر “ليبانون ديبايت” إلى أن الحزب لا يرى إمكانية للتفاوض فيما إسرائيل تواصل حربها بشكل يومي، ولا تبدي استعداداً لتقديم أي تنازلات أو ضمانات بخصوص التفاوض وما بعده. وهنا أصل المشكلة بالنسبة إليه، فهو مقتنع بأن إسرائيل لا تريد التفاوض مع لبنان بل الفرض عليه، مشدّدة على أن الحزب ورئيس الجمهورية متفقان على أن أي مسار تفاوضي يجب أن يسبقه وقف تام للعدوان على الأقل، إلى جانب المطالبة بانسحاب إسرائيلي واضح وإطلاق الأسرى.


بالنسبة إلى رئيس الجمهورية، فلا مجال سوى للقبول بمبدأ التفاوض غير المباشر حالياً، وهو بانتظار الرد الذي ستحمله المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس من إسرائيل حول ما سمعته من أفكار في بيروت. وبحسب أوساط مقرّبة من الرئيس، فإن لبنان لا يتوقع الكثير من الإيجابيات في الرد الأميركي، خصوصاً بما يتعلق بموافقة إسرائيل على وقف العدوان اليومي. وتُشير الأوساط إلى أن عون يبحث حالياً مع القوى اللبنانية الرئيسية في الشكل الذي يمكن للبنان أن يتوجّه به نحو التفاوض، في محاولة لمنع تحميل لبنان مسؤولية الرفض، مشدّدة على أن الخشية كانت وستبقى من أن تفرض إسرائيل شروطاً جديدة كلما وافق لبنان على التنازل، وهنا يلتقي قلق الرئيس بقلق حزب الله أيضاً.


وبحسب المصادر المطّلعة على موقف حزب الله، فإن الحزب لا يضع نفسه في موقع التعطيل أمام الدولة اللبنانية، إذ لا يزال متمسّكاً بمبدأ “الدولة تقرّر والحزب يساند”، مع قناعة لديه ولدى رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن وحدة الموقف الداخلي مهمة جداً في هذه المرحلة لخوض أي مواجهة. لذلك، تعاطى الحزب بإيجابية مع طرح رئيس الجمهورية للتفاوض غير المباشر من حيث المبدأ، لكنه أبلغ عون رفضه منح إسرائيل أي تنازلات مجانية، لأن ذلك سيفتح الباب أمام المزيد منها، خصوصاً أن المطلوب من لبنان أكبر من أن يتمكن من القبول به.


ويرى الحزب، بحسب المصادر نفسها، أن “الحصرية العسكرية” في الجنوب قد تحقّقت فعلاً، ورغم ذلك لا تزال إسرائيل على موقفها بضرورة تسليم سلاحه جنوب الليطاني قبل الحديث عن السلاح شماله. وبالتالي، يعتبر الحزب أن ما تهدف إليه إسرائيل لا يتعلق بحصرية السلاح فحسب، بل يتجاوز ذلك بكثير، إذ يمكن لها في أي لحظة أن تتذرّع بوجود خطر ما أو بعدم تنفيذ لبنان المطلوب منه وفق القرار 1701، لتشنّ اعتداءً جديداً، وهذا ما يعتبره الحزب خياراً واقعياً حتى ولو سلّم كل سلاحه من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.


هل هذا يعني أن المواجهة باتت حتميّة في ظل التباعد الكبير بين ما يريده لبنان وما تريده إسرائيل؟ ترى المصادر أن الحزب مدرك لطبيعة المواجهة مع واشنطن، لذلك يعمل على تحصين الجبهة الداخلية عبر تثبيت التنسيق مع رئاسة الجمهورية، ومتابعة الاتصالات والتعاون مع الجيش، وتجنّب أي صدام سياسي مفتوح في الداخل، وقبول التفاوض غير المباشر، ولكن وفق الشروط الموضوعية والمنطقية، لا الاستسلام الكامل أمام الرغبات الأميركية.


يتواصل حزب الله مع المصريين بشكل مباشر، وهو بصدد تقديم رؤيته لما طُرح عليه من أفكار من قبل الجانب المصري، لكنه مقتنع بأن أحداً لا يمكنه التقدّم بمبادرات جدّية خارج العباءة الأميركية. لذلك، لا يشعر بالاطمئنان حيال المرحلة المقبلة، لكنه يعمل حتى النفس الأخير لتجنّب التصعيد الذي يبدو أنه لا مفرّ منه، من دون أن يضع توقيعه على صكّ الاستسلام والانتحار.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة