أكد نائب رئيس الحكومة طارق متري في حديث إلى صحيفة «اللواء» أنّ كل ما يُتداول حول زيارة وفد سوري رفيع المستوى إلى لبنان لا يزال في إطار التكهنات، موضحاً أنّ الحكومة اللبنانية لم تتلقَّ أي بلاغ رسمي يتصل بموعد الزيارة أو مستوى الوفد المرتقب. ولفت إلى أنّ بعض وسائل الإعلام تحدثت عن إمكان حصول الزيارة الأربعاء أو الخميس، لكن لم يصدر أي تأكيد رسمي بعد.
وأشار متري إلى أنّ الوفد السوري المحتمل أن يزور بيروت سيكون مؤلفاً من مسؤولين كبار في وزارات الخارجية والعدل، إضافة إلى شخصيات أمنية وعسكرية، على أن تعقد لقاءات مع قضاة ودبلوماسيين وضباط لبنانيين، من دون أن يشمل جدول الأعمال لقاءً مباشراً مع رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية، التزاماً بالبروتوكول المتّبع بين الطرفين.
وفي سياق حديثه، شدّد متري على أنّ العلاقات اللبنانية - السورية "جيدة" على المستوى الأمني، والتعاون قائم في ملفات عدة أبرزها تسليم المطلوبين وإدارة الحدود المشتركة. وكشف أنّ جدول البحث في أي زيارة مقبلة سيشمل ملفات حساسة مثل أوضاع المساجين، قضية الحدود، عودة اللاجئين السوريين، التعاون الاقتصادي، فضلاً عن مراجعة الاتفاقيات السابقة الموقّعة بين البلدين وإمكانية تعديلها أو استحداث اتفاقيات جديدة. وألمح إلى أنّ المجلس الأعلى اللبناني - السوري "لم يعد له مبرر" وقد يُصار إلى إلغائه.
وحول عدم قيام مسؤولين سوريين بزيارات رسمية إلى بيروت رغم الزيارات السابقة لكل من الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة نواف سلام إلى دمشق، أعرب متري عن أمله في أن تبادر دمشق قريباً إلى ردّ هذه الزيارات، مؤكداً أنّ لبنان يرحّب بأي مسؤول سوري يزور العاصمة.
وفي ما يخص ملف اللاجئين السوريين، قال نائب رئيس الحكومة إن نحو 300 ألف نازح عادوا إلى بلادهم حتى الآن، متوقعاً ارتفاع هذا الرقم في الأشهر المقبلة، على أن تتم العودة "كريمة، آمنة وحرّة".
ورداً على سؤال حول زيارة الموفد الأميركي طوم براك والوفد المرافق، أوضح متري أنّ نتائج المحادثات ستُعرض على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أنّ ما تم الإعلان عنه إعلامياً لا يعكس بالكامل مضمون الورقة الأميركية التي قدّمها براك في زيارات سابقة، لاسيما وأنها تضمنّت شروطاً ولم تحظَ بموافقة واضحة من إسرائيل.
أما في ما يتصل بإصلاح الإدارة العامة، فأكد أنّ الحكومة تعمل على حزمة متشابكة من الملفات تشمل هيكلة المؤسسات، دمج أو إلغاء بعض الدوائر غير الضرورية، إنشاء مؤسسات جديدة، والتحوّل الرقمي لتسهيل معاملات المواطنين. كما أشار إلى متابعة أوضاع الموظفين وصندوق التقاعد.
وحول مسألة الرواتب، استبعد متري أي زيادة خلال العام الحالي نظراً لارتباطها بموازنة السنة الماضية، إذ إن موازنة 2025 صدرت بمرسوم. لكنه أكد أن موضوع تصحيح الأجور سيكون مطروحاً ضمن موازنة 2026، مع التنويه بأن أثره لن يكون فورياً. وأوضح أن الحكومة تتابع باهتمام وضع موظفي القطاع العام والعسكريين، مشيراً إلى أن المنحة المخصصة للعسكريين ستأخذ مسارها للحل قريباً.
كما توقف عند رواتب موظفي الهيئات الناظمة التي أثارت جدلاً، لافتاً إلى أنّ هذه الرواتب غالباً ما تكون أعلى من القطاع العام نظراً لكون الموظفين يأتون من القطاع الخاص لفترات محددة، ويجري تمويلها من مداخيل مستقلة.
تأتي تصريحات متري في مرحلة دقيقة من العلاقات اللبنانية - السورية، إذ تتقاطع الملفات السياسية والأمنية مع ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة، ولا سيما في ظل ملف النازحين الذي يشكّل محوراً أساسياً في النقاشات بين بيروت ودمشق ومع المجتمع الدولي. كما تتزامن مع حراك أميركي متجدد في المنطقة عبر الموفد طوم براك، الذي يحاول الدفع نحو صيغة "خطوة بخطوة" تشمل ترتيبات أمنية وسياسية على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وهو ما أثار تحفظات لبنانية واسعة.