كشفت تقارير إعلامية أن وزارة الدفاع الأميركية تدرس إدخال تغييرات جذرية على استراتيجيتها الدفاعية الوطنية، بحيث يُعاد ترتيب الأولويات الأمنية للتركيز على حماية الداخل الأميركي ومنطقة النصف الغربي من الكرة الأرضية، في تحول لافت عن الاستراتيجيات السابقة التي وضعت الصين وروسيا في صدارة التهديدات.
ونقلت صحيفة بوليتيكو عن مسؤولين مطّلعين أن مسودة الاستراتيجية الجديدة، التي وصلت إلى مكتب وزير الدفاع بيت هيغسيث الأسبوع الماضي، تعطي الأولوية للمهام المحلية والإقليمية على حساب مواجهة الخصوم العالميين مثل بكين وموسكو. ويُعد هذا التحول تراجعاً كبيراً عن سياسات الإدارات الديمقراطية والجمهورية السابقة، بما في ذلك إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي وصف الصين خلال ولايته الأولى بأنها "المنافس الأخطر" لواشنطن.
ورغم أن الاستراتيجية لم تُعتمد رسمياً بعد، إلا أن ملامحها بدأت تظهر على أرض الواقع، حيث أرسل البنتاغون الآلاف من عناصر الحرس الوطني لدعم قوات إنفاذ القانون في مدينتي لوس أنجلوس وواشنطن، كما نشر مقاتلات F-35 وسفناً حربية في الكاريبي لمكافحة تهريب المخدرات، وأقام منطقة حدودية عسكرية على طول الحدود مع المكسيك، تتيح له احتجاز مدنيين، وهو إجراء كان من اختصاص الشرطة في السابق.
وتتناقض هذه المقاربة مع لهجة الرئيس ترامب العلنية المتشددة تجاه الصين، إذ يواصل فرض الرسوم الجمركية وانتقاد بكين، متهماً الرئيس الصيني شي جين بينغ بـ"التآمر" ضد الولايات المتحدة إلى جانب روسيا وكوريا الشمالية. غير أن الفريق الذي أعد الاستراتيجية، بقيادة إلبريدج كولبي – أحد مهندسي استراتيجية 2018 – يدفع باتجاه سياسة خارجية أكثر انعزالية، تنسجم مع مواقف نائب الرئيس الحالي جاي دي فانس.
وبحسب التسريبات، فإن الوثائق الثلاث المنتظرة من البنتاغون – استراتيجية الدفاع، مراجعة التمركز العسكري العالمي، ومراجعة الدفاع الجوي – ستدعو الحلفاء إلى تحمل مسؤولية أكبر عن أمنهم، في حين تسعى واشنطن إلى تقليص انتشارها العسكري حول العالم. وذكرت مصادر في البنتاغون والدبلوماسية الأوروبية أن مبادرة أمن دول البلطيق، التي تخصص مئات ملايين الدولارات سنوياً لكل من لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، ستشهد تقليصاً كبيراً في التمويل هذا العام، رغم استخدامها سابقاً في شراء أنظمة تسليح أميركية متقدمة.