المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
السبت 20 أيلول 2025 - 08:59 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

تحوّل مبهم في الضاحية

تحوّل مبهم في الضاحية

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني


فتح أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم باباً واسعاً للنقاش بدعوته المملكة العربية السعودية إلى "فتح صفحة جديدة" مع المقاومة وتجميد الخلافات التي أثقلتها سنوات من التوترات الماضية.


في خطابه، أراد قاسم أن يوجّه رسالة واضحة بأنّ سلاح حزب الله ليس موجهاً ضد العرب ولا ضد الرياض، بل إنّ بوصلته تبقى نحو إسرائيل وحدها، مؤكداً أنّ أي ضغط خارجي على الحزب لن يخدم سوى تل أبيب. هذه الدعوة لم تأتِ في فراغ، بل جاءت في لحظة إقليمية حساسة، حيث تتحرك الدبلوماسية السعودية على أكثر من محور، من إيران إلى واشنطن، في محاولة لتثبيت صورتها كوسيط وضامن للاستقرار الإقليمي.


الكلام الصادر من الضاحية بدا محاولة مبكرة لاستباق التحولات المقبلة. فالحزب يدرك أنّ أي تقارب سعودي - إيراني أو سعودي - أميركي ستكون له ارتدادات مباشرة على الداخل اللبناني، وأنّ البقاء في موقع المتفرج لم يعد خياراً. لذلك، اختار إرسال إشارات انفتاح تجاه الرياض، محاولاً إعادة صياغة العلاقة معها على قاعدة العداء المشترك لإسرائيل، بدلاً من الاستمرار في منطق الصراع المذهبي والسياسي الذي كبّل لبنان وأبعد عنه الدعم الخليجي لسنوات.


غير أنّ القراءة المتأنية لهذا الخطاب تكشف أنّ ما يطلبه قاسم من السعودية يتجاوز حدود المصالحة السياسية التقليدية. فهو يسعى، بشكل غير مباشر، إلى اعتراف بدور حزب الله كفاعل إقليمي لا يمكن تجاوزه، وإلى تخفيف الضغوط الاقتصادية والمالية التي تضعف الدولة اللبنانية وتفتح على الحزب جبهة داخلية لا تقل خطورة عن التحديات الخارجية. بمعنى آخر، يريد الحزب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من أي تسوية مقبلة، بحيث لا يكون لبنان هو الثمن، بل مساحة للتفاهمات الإقليمية.


وعبر خطاب الانفتاح، يحاول حزب الله أن يظهر أمام اللبنانيين بأنّه ليس حجر عثرة أمام عودة العلاقات مع الخليج، بل العكس، هو من يمد اليد، وبأنّ المشكلة تكمن في الشروط السعودية لا في موقفه. بالمختصر، هدف هذه الدعوة هو تحويل المواجهة إلى تفاوض، والضغط على الرياض لتقبل بالحزب كجزء من الحل، لا كجزء من المشكلة.


لكن السؤال الجوهري هو، هل ستقتنع السعودية بجدوى هذه "الصفحة الجديدة"؟ فالتجربة السابقة علّمت الرياض أنّ الخطابات وحدها لا تكفي لبناء الثقة، وأنّ أي انفتاح جدي يجب أن ينطلق من خطوات ملموسة تبدأ باحترام سيادة لبنان وحصر السلاح بيد الدولة. وبين ما يسعى إليه حزب الله وما يمكن أن تقبل به المملكة، ثمة مسافة طويلة لا تختصرها عبارات التطمين، بل تتطلب تغييراً عميقاً في قواعد اللعبة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة