ومع أن أورتيغاس تُركِّز في الوقت الحالي على العمل الميداني عبر المشاركة لمرتين متتاليتين في اجتماع اللجنة الخماسية الأمنية في الناقورة، ومتابعة الأوضاع على الساحة الجنوبية، بعيداً عن أي لقاءات سياسية أو حتى عن المواقف والتصريحات المتعلقة بالواقع الأمني وتطورات "الأرض"، فإن المواقف الأميركية تتناول بشكل خاص سبل دعم الجيش اللبناني ودوره في عملية تكريس الإستقرار من خلال الخطة التي بدأت أخيراً، من أجل بسط سلطة الدولة على كل أراضيها وضمناً حصر السلاح بيد القوى الشرعية.
يمكن القول حتى الآن، أن التطورات الأخيرة والإعتداءات الإسرائيلية التي تجاوزت الحدود مع استهداف المدنيين في بنت جبيل، خصوصاً في لحظة تواجد أورتيغاس في الجنوب، تضيف المزيد من التعقيدات إلى المشهد الحالي، وتُعيد إلى الأضواء صورة الجنوب عشية الحرب الأخيرة، وصولاً إلى الإنذار بمرحلة من التصعيد الواسع، إلاّ إذا شكّلت المجزرة بحق عائلة لبنانية في بنت جبيل، نقطة تحوّل في مسار الديبلوماسية الأميركية، تدفعها إلى الإنتقال من الضغط على لبنان، إلى الضغط على إسرائيل ولجم عمليات الإغتيال والغارات التدميرية في الجنوب.
فالقرار اليوم في واشنطن، تقول مصادر ديبلوماسية مطلعة، لأنه، وعلى الرغم من التعاطي مع لبنان وتركيز الإهتمام والدعم على الجيش فقط، فإن ما من إجراءات جدّية قد تمّ تلمّسها على مستوى تحقيق اللجنة الخماسية العسكرية، أي تقدّم في تطبيق اتفاق وقف النار، بل خلافاً لذلك، فقد دلّت الإعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، على أن هذه اللجنة ورغم مشاركة أورتيغاس في اجتماعاتها، لم تعلن أي خلاصات حازمة حول الواقع الميداني والخروقات الإسرائيلية والإعتداءات المتواصلة.
وحول ما يمكن أن تأتي به من إضافة، مشاركة أورتيغاس في اجتماعات اللجنة الخماسية، فتكشف المصادر الديبلوماسية، أنها تؤشِّر إلى الجدية الأميركية في مواكبة المرحلة التي تحمل عنوان "حصرية السلاح" بدءاً من جنوب الليطاني، وإلى تحوّلات نوعية في الأداء والتعاطي الأميركي مع لبنان من خلال هذه اللجنة التي لم تنجح في فرض أي قواعد أو آليات أمنية وعسكرية في سياق مراقبة الوضع والإشراف على تطبيق اتفاق وقف العمليات العدائية.
وما هو واضح في اللحظة الراهنة، أن الظروف تغيّرت والديبلوماسية الأميركية تغيّرت أيضاً، ومع تركيز الموفد الرئاسي توم برّاك على الملف السوري، بدا جلياً اعتماد الإدارة الأميركية على الديبلوماسية القسرية و"الغامضة"، في ظل عدم طلب أورتيغاس أي مواعيد من المسؤولين السياسيين وحصر مهمتها بالجانب العسكري، ومناقشة خطة الجيش وسبل تقديم الدعم اللازم له في مهامه في المرحلة المقبلة.
ويقود هذا الواقع إلى توقّع سيناريو مختلف للوضع اللبناني، بحيث تتحدث المصادر، عن تفعيل عمل اللجنة الخماسية الأمنية وإعادة النظر في آلية عملها، حتى يصبح من الممكن بعد إنجاز الخطوة اللبنانية المتمثلة بتسلّم السلاح الفلسطيني من المخيمات، أن تقوم الديبلوماسية الأميركية بالضغط على إسرائيل لتنفيذ خطوة مقابلة.