شهدت اليابان منذ إصلاح ميجي عام 1868 نهضة شاملة جعلتها قوة إقليمية صاعدة، ليتحول طموحها التوسعي سريعاً إلى صدام مباشر مع روسيا القيصرية في الحرب اليابانية–الروسية (1904-1905).
خلال تلك الحرب، مُنيت البحرية الروسية بهزائم متتالية بلغت ذروتها في معركة مضيق تسوشيما في أيار 1905، حيث خسرت روسيا 21 قطعة بحرية رئيسية، وسقط نحو 5 آلاف بحار روسي في 24 ساعة فقط، ما شكّل صدمة مدوية للرأي العام الأوروبي والروسي على حد سواء.
عقب الكارثة، وُجهت أصابع الاتهام نحو الدوق الأكبر ألكسي ألكسندروفيتش (1850–1908)، ابن القيصر ألكسندر الثاني، الذي شغل منصب أميرال وقاد صفقات التسلح وبرامج بناء الأسطول. ورغم مساعيه لتحويل البحرية الروسية إلى "أقوى قوة بحرية في العالم"، تلاحقت الفضائح المالية والشخصية حوله.
اتهم ألكسي بإهدار المال العام واختلاس ما يقارب 30 مليون روبل عام 1903، أي نصف ميزانية البحرية، دون أن تدخل أي سفينة جديدة للخدمة. وزاد من غضب الشعب ظهوره العلني مع عشيقته الراقصة إليزابيث باليتا، التي ارتدت لاحقاً مجوهرات باهظة قيل إنها ثمن "سفن روسيا المفقودة"، ما دفع الجمهور في أحد المسارح إلى الهتاف: "إنها تحمل سفننا الحربية في أذنيها وأصابعها".
تسببت الهزيمة البحرية في تعزيز الضغوط الشعبية، ما مهّد الطريق لثورة 1905 في روسيا. وبحلول حزيران من العام نفسه، تم عزل ألكسندروفيتش من منصبه، قبل أن يغادر إلى باريس حيث عاش مع عشيقته حتى وفاته عام 1908.
إصلاح ميجي جعل اليابان قوة إقليمية منافسة لروسيا, والحرب اليابانية–الروسية مثّلت أول هزيمة كبرى لدولة أوروبية على يد قوة آسيوية حديثة.
معركة تسوشيما غيّرت موازين القوى في شرق آسيا وأرغمت روسيا على التفاوض، لتظهر كأحد أبرز الأحداث العسكرية في مطلع القرن العشرين.