تتواصل موجة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، إذ تستعد فرنسا مع عشر دول أخرى للإعلان رسميًا عن اعترافها خلال قمة تُعقد اليوم الإثنين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، لبحث مستقبل حل الدولتين في ظل الحرب الدامية على قطاع غزة.
ويأتي هذا الاعتراف المرتقب تتويجًا لمسار دبلوماسي استمر أشهُرًا بقيادة السعودية وفرنسا، بهدف ممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل وربط مستقبل السلام في المنطقة بتجسيد قيام دولة فلسطينية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقابلة مع قناة "سي بي إس" أمس الأحد: "إذا أردنا عزل حماس، فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وخطة السلام المرافقة له يشكلان شرطًا مسبقًا. الفلسطينيون يريدون وطنًا، وإذا لم نقدم لهم أفقًا سياسيًا سيجدون أنفسهم مع حماس باعتبارها الحل الوحيد".
وتزامنًا مع قرار فرنسا الاعتراف بفلسطين، رفعت بلدية سان دوني في العاصمة باريس العلم الفلسطيني فوق مبنى البلدية، في خطوة رمزية تؤكد الموقف الفرنسي الجديد.
وتتوقع باريس أن تنضم إليها دول أوروبية صغيرة مثل أندورا، بلجيكا، لوكسمبورغ، مالطا، وسان مارينو، ليصل العدد الإجمالي إلى 11 دولة جديدة. وبذلك، يرتفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 147 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، وفق إحصاءات وكالة الأنباء الفرنسية.
وشهد يوم أمس الأحد تطورًا بارزًا مع إعلان كل من بريطانيا، كندا، أستراليا، والبرتغال اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في تحول لافت في مواقف بعض من أقرب حلفاء إسرائيل التقليديين.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن بلاده اعترفت بفلسطين "لإبقاء أمل السلام حيًا"، مشيرًا إلى أن الخطوة ترافقها عقوبات جديدة على شخصيات من حركة "حماس".
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن كندا مستعدة للمشاركة في بناء مستقبل سلمي للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. أما نظيره الأسترالي أنتوني ألبانيز فأكد أن الاعتراف يأتي ضمن جهد دولي منسق لإحياء حل الدولتين ووقف إطلاق النار في غزة.
ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بهذه الاعترافات، معتبرًا أنها خطوة على طريق "السلام العادل والدائم"، لكنه لم يتمكّن من المشاركة في القمة بعدما رفضت الولايات المتحدة منحه ووفده تأشيرات دخول.
في المقابل، صعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من لهجته، متوعدًا بعدم السماح بقيام دولة فلسطينية، واصفًا الاعترافات بأنها "تهديد لوجود إسرائيل".
كما دعا إلى مواجهة ما اعتبره "دعاية كاذبة" في الأمم المتحدة، متوعدًا بكشف "الحقيقة" في خطابه أمام الجمعية العامة الجمعة المقبلة.
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فرأى أن العالم يجب ألا يخشى من ردود الفعل الإسرائيلية، مشددًا على أن تل أبيب تواصل "سياسة تقضي بتدمير غزة وضم الضفة الغربية".
وبانضمام فرنسا وبريطانيا، تكون فلسطين قد حصلت على اعتراف أربعة من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن (إذ اعترفت بها الصين وروسيا منذ 1988)، فيما تبقى الولايات المتحدة على موقفها المعارض، واصفة الاعترافات بأنها "استعراضية" وداعية إلى "التركيز على دبلوماسية جادة".