كشفت موقع "Middle East Eye" في تقرير له عن مسودة وثيقة سُرّبت بداية الأسبوع الجاري، تتعلق بخطة إدارة انتقالية لقطاع غزة برئاسة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. الوثيقة، التي تحمل اسم "Gaza International Transitional Authority" (GITA)، توضح هيكلاً هرمياً تتصدره هيئة دولية تضم رجال أعمال ومليارديرات، بينما في المستويات الأدنى يظهر مديرون فلسطينيون "محايدون" يتم اختيارهم من خلال آلية فرز دقيقة. ووفق ما ورد، فإن هذا الكيان من المفترض أن يعمل بتنسيق وثيق مع إسرائيل، مصر والولايات المتحدة، ويحظى بدعم من البيت الأبيض بحسب مصادر إسرائيلية نقلتها صحيفة "هآرتس".
وجاء في نص الوثيقة أنّ لـ"GITA" ستكون "صلاحيات سياسية وقانونية عليا على غزة خلال فترة الانتقال". وذُكرت أربعة أسماء كمرشحين محتملين لعضوية مجلس الإدارة، جميعهم من غير الفلسطينيين، وهم:
سيغريد كاخ، مسؤولة سابقة في الأمم المتحدة ووزيرة سابقة في الحكومة الهولندية.
مارك رَوان، ملياردير أميركي ورئيس إحدى كبريات شركات الاستثمار العالمية.
نجيب ساويرس، ملياردير مصري بارز في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا.
آريه لايتستون، المدير التنفيذي لمعهد اتفاقيات إبراهيم للسلام.
ووفق التقرير، لا توجد مؤشرات على أنّ الأسماء المذكورة تم التواصل معها رسمياً أو وافقت على شغل المناصب.
وأشار التقرير إلى أنّ آريه لايتستون، رجل أعمال وحاخام، كان له دور محوري في تأسيس "مؤسسة غزة الإنسانية" (Gaza Humanitarian Foundation)، وهو مستشار سابق للسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان إبان ولاية دونالد ترامب، ويُعتبر مقرباً من المبعوث الخاص ستيف ويتكوف. ويترأس حالياً "معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام"، وهو منظمة أميركية غير حزبية تهدف إلى تعزيز الاتفاقيات التطبيعية في المنطقة.
أما نجيب ساويرس، البالغ من العمر 71 عاماً بثروة تقدَّر بنحو 10 مليارات دولار، فقد وُلد في عائلة مليارديرات مصرية. أسس والده، أونسي ساويرس، مجموعة "أوراسكوم"، فيما بنى نجيب ثروته في مجالات الاتصالات والتعدين. وكان له دور في مبادرات إعادة إعمار أفغانستان بعد الغزو الأميركي-البريطاني، كما ارتبط بعلاقات طويلة مع توني بلير. ساويرس يُعرف أيضاً بمواقفه المنتقدة لجماعة الإخوان المسلمين، حيث أسس حزب "المصريين الأحرار" بعد ثورة 2011، لكنه في الوقت نفسه وجّه انتقادات إلى سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل، كما اجتمع سابقاً مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
مارك رَوان، رجل أعمال يهودي-أميركي يبلغ من العمر 63 عاماً، يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة "أبولو غلوبال مانجمنت"، إحدى أكبر شركات الاستثمار في العالم، بإدارة أصول تتجاوز 840 مليار دولار. ثروته تُقدّر بأكثر من 10 مليارات دولار. عُرف بدعمه العلني لإسرائيل، ووصف حربها ضد غزة بأنها "عادلة". كما ساهم بمليون دولار في حملة ترامب الانتخابية عام 2020، وجرى طرح اسمه كمرشح محتمل لوزارة الخزانة. رَوان كان ناشطاً أيضاً ضد احتجاجات طلابية مؤيدة لفلسطين في جامعة بنسلفانيا، حيث قاد ضغوطاً أدت إلى استقالة رئيسة الجامعة لِز ماغيل.
أما سيغريد كاخ، فهي دبلوماسية هولندية شغلت منصب المنسقة الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة بين 2023 و2025. عملت سابقاً في بيروت، دمشق والقدس، كما شغلت منصب وزيرة في الحكومة الهولندية. معروفة بمواقفها المؤيدة للفلسطينيين، ومتزوجة من الدكتور أنيس القاعق، نائب وزير سابق في السلطة الفلسطينية في عهد ياسر عرفات.
الوثيقة ذكرت أنّ بلير ومجلس الإدارة المقترح سيملكون سلطة مباشرة على غزة خلال المرحلة الانتقالية، وأنّ أحد البنود المركزية يتمثل في إيجاد بديل لوكالة "الأونروا" لتوزيع المساعدات، بعد اتهامات بأنّها تخدم حركة حماس.
التحليل أشار أيضاً إلى أنّ إدارة بايدن واللوبيات المؤيدة لإسرائيل في واشنطن تتابع عن كثب هذه المبادرة، في ظل محاولات إعادة رسم مستقبل غزة بعد الحرب