قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الأحد، إن الحرب في غزة ألحقت ضرراً بالغاً بمكانة إسرائيل على الساحة الدولية، مشيراً إلى أنّ عزلتها الدبلوماسية تتفاقم رغم محاولات واشنطن حمايتها.
وأوضح روبيو في مقابلة مع برنامج "فيس ذا نيشن" على شبكة سي.بي.إس نيوز، أنّ إسرائيل تواجه تراجعاً واسعاً في التأييد داخل الأمم المتحدة، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) 6 مرات خلال العامين الماضيين لحمايتها من قرارات تدعو إلى وقف الحرب، في وقت صوّتت فيه أغلبية الدول لصالح قرارات تطالب بوقف فوري لإطلاق النار.
وأضاف الوزير الأميركي أنّ اعتراف قوى غربية كبرى مثل فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا بالدولة الفلسطينية يشكّل "مؤشراً واضحاً على تآكل الدعم لإسرائيل"، مؤكداً أنّه "بغضّ النظر عمّا إذا كان ما حدث مبرراً أم لا، لا يمكن تجاهل التأثير الكبير الذي تركته هذه الحرب على مكانة إسرائيل الدولية".
وجاءت تصريحات روبيو رداً على سؤال حول تصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، قال فيها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاوز حدود المعقول في غزة، وإن إسرائيل خسرت كثيراً من الدعم العالمي، مؤكداً أنه سيعمل على استعادة هذا الدعم.
استخدمت الولايات المتحدة الفيتو 6 مرات في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من مشاريع قرارات تتعلق بالحرب في غزة، كان آخرها الشهر الماضي ضد مشروع قرار يطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار ورفع القيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وصوّت جميع الأعضاء الـ14 الآخرين في المجلس لصالح القرار، مما وضع واشنطن في موقف عزلة دبلوماسية واضحة.
وفي المقابل، وافقت واشنطن على بيان لاحق لمجلس الأمن يدين الضربات الإسرائيلية على العاصمة القطرية الدوحة، من دون أن يذكر إسرائيل بالاسم.
أما الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد اعتمدت عدداً من القرارات غير الملزمة حول غزة، أظهرت حجم العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل والولايات المتحدة.
وأيّدت الجمعية العامة في آخر جلسة لها وقفاً فورياً وغير مشروط ودائماً لإطلاق النار في غزة، إذ صوّتت 149 دولة لصالح القرار، وامتنعت 19 عن التصويت، بينما عارضته الولايات المتحدة وإسرائيل و10 دول أخرى فقط.
وسبق أن دعت الجمعية العامة إلى هدنة إنسانية في تشرين الأول 2023 بأغلبية 120 صوتاً، ثم وقف إطلاق نار فوري في كانون الأول 2023 بأغلبية 153 صوتاً، وأعادت التأكيد في كانون الأول 2024 على المطالبة بوقف دائم وغير مشروط بأغلبية 158 صوتاً.
وأشار روبيو إلى أنّ استمرار الحرب وطول أمدها دفع قوى غربية رئيسية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في إشارة إلى فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا، لافتاً إلى أنّ هذه الخطوة تعكس تراجع الدعم الغربي لإسرائيل.
وفي هذا السياق، عقدت فرنسا والسعودية قمّتين دوليتين في الأمم المتحدة خلال العام الجاري لبحث سبل تنفيذ خطوات ملموسة نحو حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وصوّتت الجمعية العامة الشهر الماضي بأغلبية ساحقة لتأييد إعلان مؤتمر تموز (يوليو) الذي حدّد خطوات محددة زمنياً ولا رجعة فيها نحو تحقيق هذا الحل.
وحصل القرار على 142 صوتاً مؤيداً مقابل 10 معارضين، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت.
وترى الأمم المتحدة منذ عقود أنّ قيام دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في حدود آمنة ومعترف بها هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع.
ويطالب الفلسطينيون بإقامة دولتهم في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وهي أراضٍ احتلتها إسرائيل عام 1967.
وتؤكد واشنطن أنّ حلّ الدولتين لا يمكن أن يتحقق إلا عبر المفاوضات المباشرة بين الجانبين، بينما يعلن نتنياهو باستمرار رفضه إقامة دولة فلسطينية، رغم موافقته على خطة ترامب التي تفتح مساراً مشروطاً نحو هذا الحل.