في لحظة مفصلية داخل البيت الأبيض، وثّقت الكاميرات اللحظات التي سبقت إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصّل إلى اتفاق حول المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعدما سلّمه وزير الخارجية ماركو روبيو مذكرة قصيرة بخط اليد، غيّرت مسار المؤتمر الصحافي.
فبينما كان ترامب يتحدث في مؤتمرٍ مخصّص لموضوع داخلي لا علاقة له بالحرب الدائرة في غزة منذ عامين، اقترب روبيو منه على نحوٍ مفاجئ، وهمس في أذنه بكلمات مقتضبة، قبل أن يسلّمه ورقة صغيرة أثارت فضول الصحافيين والمصوّرين.
وبعد لحظات، رفع ترامب رأسه ليعلن أمام وسائل الإعلام أن التوصّل إلى اتفاق بشأن غزة “قريب جداً”، في إشارة إلى الرسالة التي تلقّاها للتو.
لاحقاً، كشفت الصور التي التقطها مصوّرو وكالات الأنباء العالمية، أنّ المذكرة التي سلّمها روبيو للرئيس الأميركي نصّت على عبارة: "الاتفاق قريب جداً... نحتاج موافقتك لنشر إعلان على تروث سوشيال لكي تكون أول من يعلن الصفقة".

وبذلك، بدا واضحاً أنّ ترامب تلقّى الضوء الأخضر لإطلاق الإعلان التاريخي بنفسه، قبل أن تتّضح سريعاً ملامح الاتفاق الذي عملت عليه الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا خلال الأسابيع الماضية.
وفي مقابلة لاحقة مع شبكة "فوكس نيوز"، قال ترامب إنّ الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة سيُفرج عنهم الإثنين المقبل، مضيفاً، "أعتقد أن الرهائن سيعودون يوم الإثنين، وسيشمل ذلك جثث الموتى".
ويُذكر أنّه من أصل 251 شخصاً خطفوا خلال هجوم 7 تشرين الأول 2023 الذي شنّته حماس على إسرائيل، لا يزال 47 رهينة محتجزين في القطاع، من بينهم 25 يُعتقد أنهم قضوا، وفق الجيش الإسرائيلي.
وفي المقابل، أعلن الجيش أنّ رئيس الأركان إيال زامير أصدر توجيهات لقواته بـ"الاستعداد الدفاعي الكامل" و"الجهوزية لكل سيناريو محتمل"، مع تأكيد على التعامل مع عملية إعادة الأسرى بحساسية ومهنية عالية.
من جانبها، أكدت حركة حماس بدورها التوصّل إلى الاتفاق، موضحةً أنّ المرحلة الأولى من الخطة تتضمّن إطلاق سراح 2000 أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية، في مقابل الإفراج عن 20 أسيراً إسرائيلياً.
وبذلك، تكون المرحلة الأولى من خطة ترامب قد وضعت الأساس لتبادل واسع للأسرى ووقف شامل للنار، بعد حربٍ استمرّت لعامين وأدت إلى دمارٍ هائل في القطاع.
وكان البيت الأبيض قد كشف أواخر أيلول الماضي عن تفاصيل خطة ترامب الخاصة بغزة، المكوّنة من 20 بنداً.
وتنص الخطة على:
تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس؛
إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة فور وقف النار؛
انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع؛
تشكيل مجلس انتقالي لإدارة غزة دون مشاركة حماس؛
بدء عملية إعادة الإعمار بإشراف دولي مباشر.
وبذلك، تُعدّ الخطة الجديدة النسخة التنفيذية الأولى من مبادرة ترامب للسلام في الشرق الأوسط، التي تهدف إلى تحويل غزة إلى منطقة خالية من السلاح، وإعادة إعمارها تحت إشراف مجلس دولي انتقالي برئاسة ترامب نفسه.
وبين همسةٍ خاطفة من ماركو روبيو ومؤتمرٍ صحافي غير مخطّط له، تحوّل البيت الأبيض إلى منصة إعلانٍ عن اتفاق أنهى عامين من الدم والدمار في غزة.
لحظةٌ سُجّلت بعدسة الكاميرا، لكنها قد تُكتب في التاريخ كلحظة ميلاد “سلام ترامب” في الشرق الأوسط.