المحلية

محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 14 تشرين الأول 2025 - 07:11 ليبانون ديبايت
محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت

رسائل العدوان على الإعمار: إسرائيل تريد لبنان على خُطى سوريا وغزة

رسائل العدوان على الإعمار: إسرائيل تريد لبنان على خُطى سوريا وغزة

"ليبانون ديبايت" - محمد علوش


من السهل القول إنّ العدوان الإسرائيلي على المصيلح كان رسالةً موجّهة إلى الرئيس نبيه بري، رداً على مواقفه الأخيرة من ملف إعادة الإعمار، وضغطه على الحكومة من أجل إيلاء هذا الملف اهتماماً أكبر، وإصراره على إعادة بناء المناطق المهدّمة بالكامل. ففي حرب تموز 2006، استُهدفت منطقة قريبة من منزل بري في المصيلح، وكانت الضربة آنذاك ذات طابع سياسي، استهدفت الرجل الذي كان يفاوض لإنهاء الحرب، وهذا ما يتكرر اليوم أيضاً.


ما لم يُقل، هو أن العدوان على المصيلح، الذي استهدف أيضاً الآليات المستخدمة في إزالة آثار الدمار وإعادة الإعمار، تزامن مع لقاءٍ كان من المفترض أن يُعقد في المنطقة نفسها، على بُعد نحو كيلومترين، بمشاركة محلية ورسمية ودولية، من جمعيات وبلديات واتحادات بلديات، بهدف تفعيل ملف إعادة الإعمار تحت إشراف مباشر من الرئيس بري. علماً أنّ اللقاء كان قد أُجّل قبل أيام قليلة من العدوان لأسباب لوجستية وتقنية، ومن غير المعروف ما سيكون مصيره بعد هذا التطور.


منذ أيام، اغتالت إسرائيل مهندسين يعملان في شركة “جهاد البناء”، وكانت الرسالة في السياق نفسه، موجّهةً إلى حزب الله الذي يُحكى في بعض الأوساط عن تحضيراته لملف إعادة الإعمار، وتجهيز الدراسات ورصد مبالغ مالية كبيرة لذلك، خصوصاً أنّ المهندسين كانا يقومان بمهمات كشفٍ ميداني في منطقة الخيام.


إسرائيل تدرك أن إعادة الإعمار تعني كسر الحصار النفسي قبل المادي، وأنّ كل حجرٍ يُرفع من الركام هو بمثابة رصاصةٍ تُطلق ضدّ مشروعها. لذلك أرادت أن توصل رسالة واضحة مفادها أنّ الحرب لم تنتهِ بعد، وأنّ إعادة البناء لا يمكن أن تجري وكأنّها انتهت.


وبحسب مصادر قيادية في الثنائي الشيعي، فإنّ ما قاله رئيس مجلس النواب حول الرسالة الإسرائيلية والردّ عليها كان كافياً وواضحاً، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ الرسالة الإسرائيلية لم تكن موجّهة إلى الثنائي فحسب، بل إلى كلّ لبنان الرسمي. فإسرائيل، بحسب المصادر، تسعى إلى فرض مفاوضات مباشرة، في حين أنّ الضغط الأميركي في هذا الاتجاه بدأ يتصاعد، مع مؤشرات وصلت إلى بيروت تفيد بأنّ الحرب بكل مفاعيلها لن تتوقف قبل الدخول في مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل، بهدف التوصل إلى تفاهمات تُشبه ما تفعله إسرائيل في سوريا وغزة اليوم.


وتضيف المصادر عبر “ليبانون ديبايت” أنّ “إسرائيل تريد التفاوض المباشر مع لبنان، والأميركيون سيجعلون هذا الهدف في صلب أولوياتهم بعد تسلّم سفيرهم الجديد مهامه في بيروت”. في المقابل، يسعى المسؤولون اللبنانيون إلى إقناع الأميركيين بأنّ تركيبة البلد وتوازناته الداخلية تجعل من التفاوض المباشر أمراً بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً، لكن لا مانع من التفاوض غير المباشر. وتشير المصادر إلى أنّ الموقف اللبناني معروف وواضح، وقد كرّره بري أكثر من مرة في الأيام الأخيرة، وهو التزام لبنان بالقرار 1701 وضرورة إلزام إسرائيل به، وحق لبنان في إعادة بناء ما تهدّم حتى على الخط الحدودي مباشرة. وبالتالي، فإنّ ما يطالب به لبنان وما تسعى إليه إسرائيل لا يمكن أن يلتقيا، ما يجعل من المرحلة الحالية شديدة التعقيد.


يدرك الرئيس بري أنّ إسرائيل تريد “تسوية ما بعد الحرب” قبل أن تنتهي الحرب نفسها، وتسعى إلى فرضها عبر الميدان لا عبر الدبلوماسية. لذلك رفع سقف مواقفه، ودعا إلى اعتبار العدوان دعوةً لاستعادة معنى السيادة، لا بالبيانات، بل بالفعل السياسي الذي يحمي الداخل قبل الحدود. فإسرائيل لا تفاوض لتنسحب، بل لتبقى، ولا تضرب لتردع، بل لتُرغم. وهي تدرك أنّ الدولة اللبنانية المنقسمة على ذاتها لا تملك ترف الخيارات الكبرى، لذلك تبقى الوحدة الداخلية مطلباً أساسياً، وعلى الدولة أن تحسم وجهتها: مع من تُخاض الحرب، وضدّ من تُشنّ.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة