أكّد نائب رئيس الحكومة طارق متري أنّه يجري راهنًا وضع أسس جديدة للعلاقات اللبنانية – السورية تقوم على احترام سيادة الدولتين، "وهو ما لم يكن قائمًا خلال الخمسين سنة الماضية"، موضحًا أنّ كل الملفات مطروحة للنقاش من دون محرمات، وأنّ العمل يتمّ بروحية بناء الثقة لا بروحية المقايضات.
وفي حديث إلى صحيفة "الديار"، كشف متري أنّ أبرز الملفات قيد البحث مع دمشق تشمل ملف المساجين والموقوفين السوريين، والمفقودين والمخفيين اللبنانيين في سوريا، إضافة إلى ضبط الحدود ومنع تهريب السلاح والمخدرات، وعودة النازحين السوريين، على أن يتم لاحقًا البحث في ترسيم الحدود بين البلدين.
وأشار إلى أنّه يجري مراجعة شاملة للاتفاقيات السابقة بين بيروت ودمشق، وخصوصًا تلك المندرجة ضمن معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق، معتبرًا أنّ هذه المعاهدة "وُقّعت في ظروف مغايرة تمامًا، وتضم بنودًا لا تصبّ في مصلحة لبنان". وكشف أنّ القيادة السورية بادرت إلى تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني – السوري، مع ترجيح صدور قرار لبناني – سوري مشترك يقضي بإلغائه نهائيًا.
ولفت متري إلى أنّ الاجتماعات مع الجانب السوري تُعقد على مستويات سياسية وتقنية، في بيروت كما في دمشق، موضحًا أنّ ملف السجون والسجناء السوريين في لبنان يشكّل إحدى العقد الأساسية، وأنّ العمل جارٍ لصياغة اتفاقية تعاون قضائي بعدما تم التفاهم على معظم بنودها، على أن تُعرض لاحقًا على الحكومتين ومجلس النواب للمصادقة.
وأوضح أنّ دمشق تبدي اهتمامًا سريعًا بحل ملف السجناء السوريين، لافتًا إلى أنّ "كل اتفاقية تتضمّن استثناءات، ولا دولة تسلّم جميع موقوفيها"، مشيرًا إلى أنّ النقاش في الاستثناءات لم يُحسم بعد.
وفي ما يتعلّق بالتصريحات الأخيرة لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون حول إمكانية التفاوض مع "إسرائيل"، شدّد متري على أنّ هذا الكلام فُسّر خارج سياقه، موضحًا أنّ الرئيس عون "قال بوضوح إنّ على إسرائيل تنفيذ اتفاق وقف النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وتحرير الأسرى قبل أي شكل من أشكال التفاوض". وأضاف، "التفاوض إن حصل، سيكون على غرار المفاوضات التقنية السابقة برعاية الأمم المتحدة وعلى الخط الأزرق، وليس على شكل معاهدة سلام"، معتبرًا أنّ "لبنان متمسك باتفاق الهدنة، وأي هدنة دائمة قد تستوجب لاحقًا إطارًا جديدًا، إن اقتضت الحاجة".
وحول ما إذا كانت بيروت تبلّغت بنية إسرائيلية بالتصعيد بعد اتفاق غزة، قال متري: "لم نتبلغ أي شيء، لكن إسرائيل تتصرف براحة ميدانية وتضرب متى تشاء، ولا شيء محسوم معها".
وفي ملف حصرية السلاح وبسط سيطرة الدولة، شدّد على أنّ "القرار لا يزال قائمًا ولم يُجمّد"، موضحًا أنّ "تنفيذ هذا المسار يتولاه الجيش اللبناني تبعًا لقدرته وإمكاناته على الأرض"، مضيفًا، "القرار ليس مشروع حرب أهلية، فلا أحد يريد مواجهة الجيش، ولا الجيش ذاهب إلى مواجهة مع أحد، لكن استمرار الاشتباك الحدودي يعقّد المهمة".
وتطرّق متري إلى المؤتمرات التي تعمل باريس على عقدها لدعم الجيش وإعادة الإعمار، مشيرًا إلى أنّ هناك "التزامًا فرنسيًا – سعوديًا بدعم الجيش، مع أمل بانعقاد المؤتمر قبل نهاية السنة".
وانتقد ما يُقال عن أنّ إعادة الإعمار مشروطة مسبقًا بفرض حصرية السلاح وبسط السيطرة الكاملة للدولة على أراضيها، معتبرًا أنّ "هذا الطرح غير دقيق، فلو كان صحيحًا لما منح البنك الدولي لبنان قرضًا بقيمة 250 مليون دولار لإعادة الإعمار"، خاتمًا بالقول: "المسار مرتبط بالإصلاح والتقدّم في بسط سلطة الدولة، لا بالانتهاء الكامل من ملف السلاح".