المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الجمعة 17 تشرين الأول 2025 - 07:20 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

"كلمة" أربكت القصر الجمهوري

"كلمة" أربكت القصر الجمهوري

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني


ما لم يفهمه كثيرون هو أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لم يقل أكثر من حقيقة واقعية، وهي أن المنطقة تسير في اتجاه تسويات كبرى، ولبنان لن يستطيع أن يعزل نفسه عنها مهما حاولت القوى الداخلية شدّه إلى الوراء.


لكن المدهش أن الرئيس نفسه، وبعد أن قال كلمة تعكس منطق الدولة والعقل السياسي الهادئ، عاد سريعًا ليحاول تبريرها، وكأنّه ارتكب خطيئة وطنية. فما الذي يدفع رئيس الجمهورية إلى الاستنجاد بالرئيس نبيه بري وحزب الله لتوضيح كلامه؟ ولماذا يسعى إلى تخفيف وقعه بدل أن يثبت على موقفه ويؤكد أن لبنان لا يمكن أن يعيش في جدار إنكار سياسي، فيما الشرق الأوسط يُعاد رسمه على نارٍ هادئة؟


الذين يعرفون دهاليز السياسة اللبنانية يدركون أن بعبدا شعرت بارتباكٍ واضح لحظة تفاعل كلام الرئيس عون عن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل. فسارعت إلى إرسال العميد أندريه رحال إلى عين التينة، في محاولةٍ لإزالة الالتباس.

لكن الالتباس لم يكن في الكلام، بل في الإرادة السياسية. فالرئيس بري لم يحتج إلى توضيح، لأنه قرأ المضمون جيدًا، وفهم أن الكلام يتجاوز الترسيم البحري إلى مرحلة جديدة من التفكير الواقعي. إلا أن حسابات بعبدا الداخلية جعلت الرئيس يفضّل الانسحاب خطوة إلى الوراء، تلافياً لاحتكاك مبكر مع الثنائي الشيعي.


بهذه الطريقة، بدا الرئيس وكأنه يخاف من ظلال مواقفه أكثر من مضمونها، فحاول تبريدها قبل أن تتحوّل إلى مادة سجالية. لكنه نسي أن البلد لا يحتاج إلى مزيد من التبريرات، بل إلى جرأةٍ في تحديد الاتجاه. فـالشرق الأوسط لا ينتظر أحدًا، وكل القوى تسير نحو ترتيبات جديدة، فيما نحن ما زلنا نناقش شكل الوسيط ولون الطاولة.


في الجوهر، المشكلة ليست في مضمون ما قاله الرئيس عون، بل في تردده بين منطق الدولة ومنطق الخوف من الاعتراض. فلبنان لن يستطيع أن يواجه المرحلة المقبلة بعقلية الحذر من ردّات الفعل، بل بعقلٍ وطنيٍّ يقرأ الواقع كما هو، لا كما يريد الآخرون أن يروه.


لقد كان الرئيس جوزاف عون أمام فرصةٍ تاريخية ليقول إن لبنان دولة تفاوض من موقع القوة والسيادة، لا من موقع الضعف. لكنه اختار أن يعود خطوة إلى الوراء بدل أن يخطو إلى الأمام.

وهكذا، بدل أن يُسجَّل له أنه أول رئيس تجرّأ على كسر الصمت، سُجّل عليه أنه أول من تراجع عن كلمة لم يخطئ فيها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة