غصّت دارة إقامة السفارة اللبنانية في إيطاليا بعدد كبير من أبناء الجالية اللبنانية الذين قدموا من مختلف المناطق الإيطالية، للمشاركة في الاستقبال الذي أقامته السفيرة اللبنانية في روما كارلا جزار والسفير اللبناني لدى الكرسي الرسولي فادي عساف على شرف الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وذلك في إطار زيارة الوفد الديني والرسمي إلى روما، على هامش تقديس المطران الشهيد إغناطيوس مالويان، شهيد الشعبين اللبناني والأرمني.
وأراد السفيران الجديدان في إيطاليا ولدى الكرسي الرسولي أن تكون المناسبة لقاءً جامعًا لأبناء الجالية اللبنانية في "البيت اللبناني"، كما وصفته السفيرة جزار، مؤكدة أن السفارة اللبنانية هي البيت الذي يحتضن أبناء لبنان في الاغتراب، وهو ما تجلّى في هذا اللقاء الحافل.
وسجّل اللقاء حضورًا مميزًا شارك فيه بفاعلية البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، والبطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، إلى جانب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
كما كان من بين الحضور سفير المملكة الأردنية الهاشمية في إيطاليا قيس أبو ديّة، الذي قال في تصريح لـ"الوكالة الوطنية للإعلام": "أردت أن أكون في هذا اللقاء لأعبّر عن تقديري لأبناء الجالية اللبنانية الذين أكنّ لهم كل احترام لما يقومون به من دور إيجابي في المجتمع الإيطالي".
وحضر اللقاء أيضًا القناصل العامون والفخريون في المدن الإيطالية الرئيسية، إلى جانب ممثلين عن الجمعيات ولفيف من الكهنة والآباء من مختلف الرهبانيات.
وألقت السفيرة كارلا جزار كلمة رحّبت فيها بالبطريرك الراعي وأصحاب الغبطة والكليروس، وبأبناء الجالية اللبنانية وبعض النواب الإيطاليين الذين حضروا لمشاركة الجالية فرحتها، مؤكدة أن: "هذا اللقاء يجمع الكنيسة والوطن، الإيمان والانتماء، لبنان المقيم والمنتشر. وجودكم بيننا يا أصحاب الغبطة هو بركة ورسالة أمل نؤكد فيها أن لبنان، رغم كل الصعوبات، لا يزال حيًّا برسالته وبأبنائه المتجذّرين في الإيمان والمحبّة".
من جهته، شكر البطريرك الراعي للسفيرين جزار وعساف "اللقاء الجميل الذي يجمع أبناء الجالية اللبنانية"، معتبرًا أن هذه المبادرة "انطلاقة جيدة للسفراء الجدد"، وحيّا "الجالية التي نفاخر بها". وقال إنّ "الرب يكلّمنا دائمًا، وفي هذه الأيام يكلّمنا بواسطة القديس إغناطيوس مالويان"، موجّهًا الشكر إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على "ما يقوم به في سبيل لبنان ومشاركته في احتفال التقديس"، متمنّيًا له التوفيق.
وختم الراعي كلمته بالتأكيد على أنّ: "كلّنا واحد، وجميعنا نعمل من أجل خدمة لبنان وإعادة إعماره والسلام فيه، والتفاهم والمفاوضات الدبلوماسية والسياسية"، مشددًا على أهمية دور المغتربين، قائلاً إنّه: "لا يمكن أن يقتصر على مطالبتهم بمساعدة بلدهم، في حين يُحرَمون من حقهم باختيار نوابهم المئة والثمانية والعشرين".
بدوره، رحّب البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان بحضور السفيرة كارلا جزار والسفير فادي عساف وطاقمي السفارتين، شاكرًا لهما الدعوة، معتبرًا أنّ "لبنان حاضر هنا هذا المساء في روما، إذ نحن أمام جالية منفتحة ونشطة، تحمل اسم لبنان وحضارته ورسالته".
وذكّر الحاضرين بأنّ القديس المطران إغناطيوس مالويان استُشهد قبل 110 سنوات، عام 1915، في مدينة ماردين الواقعة جنوب شرق تركيا، مشيرًا إلى أنّ أهله وأهل البطريرك ميناسيان يتحدّرون من ماردين التي هُجّر أبناؤها بعد استشهاده.
وأضاف، "أنتم تحملون اسم لبنان، فابقوا دائمًا فخورين به، وبمحبّتكم لبعضكم البعض، وبالعيش الحقيقي المشترك وليس الإسمي فقط، وأيضًا بالشهادة على أنّ لبنان سيبقى بلد الحضارة ولؤلؤة الشرق الأوسط. شكرًا لكم جميعًا، وشكر خاص لأصدقائنا الإيطاليين أيضًا".
أما البطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، فعبّر عن شكره لسفيري لبنان في روما والفاتيكان، معتبرًا أنّ هذا اللقاء "إنجاز يُضاف إلى اللحظة التاريخية التي شهدت تقديس الطوباوي الشهيد إغناطيوس مالويان"، قائلاً: "في مسيرة الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية، أعلن يوم الأحد الفائت تقديس الطوباوي الشهيد إغناطيوس مالويان، حيث يرتفع اسم ماردين من جديد، ليس فقط كمدينة ملهمة، بل كأيقونة حية لشهادةٍ اختُبرت بالتضحية والثبات، وخرجت منها الكنيسة أكثر صلابة وقداسة."
وختم قائلاً إنّ هذا التقديس "ليس حدثًا تاريخيًا فحسب، بل تكريم لذاكرة شعب بأكمله، وعزاء لكنيسة ما تزال حتى اليوم تعبّر في درب الآلام".