ويرى الكاتب والمحلّل السياسي نضال السّبع في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن هذه الزيارات ليست مجرد زيارات عادية، بل ربما مقدّمة لمسار تحوّل: إما تفاوض مباشر بين بيروت وتل أبيب، أو تصعيد حادّ يضع لبنان أمام اختبار حقيقي، مذكّراً بخطاب ترامب الذي وجّه تحية إلى الرئيس جوزيف عون ودعا إلى نزع سلاح حزب الله في إطار الوصول إلى تسوية.
ويتوقّف السّبع عند تصاعد الأنشطة العدائية الإسرائيلية جنوب لبنان، حيث يأتي التحليق والمسيرات كضغط أمني متزايد على الدولة اللبنانية. ويُبرز أن هناك بعدين متراكبين: الأول، الحديث المتزايد عن اتصالات مباشرة بين لبنان وإسرائيل بناءً على طلب أميركي. والثاني، تصاعد عمليات التحليق والمسيرات الإسرائيلية التي تُشكّل ضغطاً أمنياً متزايداً على الدولة اللبنانية. ويضيف السّبع: "الزيارات الدبلوماسية اليوم قد تكون لتمهيد تفاهمات أو لرفع سقف ضغط أو حتى لاحتواء انزلاق الأمور إلى ما لا يُحمد عقباه".
ويشير إلى أن موقف المملكة العربية السعودية واضح لجهة حلّ الدولتين فيما يتعلق بوضع غزة والضفة، ويرفض الاعتداءات، وفيما يتعلق بلبنان فإن الجانب السعودي يدفع نحو استقرار لبنان ودعمه، لكن في الوقت نفسه هناك تشدّد سعودي واضح بضرورة سحب سلاح حزب الله، كما عبّرت عنه مواقف نواب قريبين من الرياض والموقف السعودي المعلن. ويؤكد أن "الموقف السعودي بالنسبة للبنان لا يقتصر على الدعم المالي أو الاستقرار فحسب، بل يشمل شرطاً واضحاً لوحظ في السياسات: ضبط السلاح تحت سقف الدولة".
وبحكم المؤكّد فإنّ الموفد السعودي يزيد بن فرحان سيأتي للدفعِ باتّجاه منع الاعتداءات وتوفير مظلّة سياسية للبنان، والضغط من أجل نزع سلاح الحزب.
أمّا من الجانب الأميركي، فيوضّح المحلّل السياسي نضال السّبّع أنّ واشنطن تمارس ضغوطاً ملموسة على بيروت لفتح حوار مباشر مع إسرائيل، رغم أنّ الدولة اللبنانية تفضّل حتى الآن خيار التفاوض غير المباشر عبر القنوات والآليات القائمة. ويكشف عن وسطاء دوليين نصحوا لبنان بالانفتاح على الحوار المباشر مع إسرائيل، بدفع من الولايات المتحدة التي طلبت من دول إقليميّة التدخّل مع لبنان لفتح قنوات الاتصال مع إسرائيل. ففي حال بدأ لبنان بمسار المفاوضات المباشرة، فإنّ الإسرائيليين يطمحون إلى التوصّل إلى اتفاقات أمنيّة كما يحصل اليوم مع سوريا.
ويتحدّث السّبّع عن تطوّر كبير في العلاقة الإسرائيليّة‑السوريّة وربّما أن سوريا تتّجه إلى توقيع اتفاق أمني، الذي يسبق الاتفاق السياسي. وبالتالي، فإنّ ذهاب لبنان إلى الحوار المباشر يجعل الإسرائيليين يطمحون إلى التوصّل إلى تفاهمات أمنيّة تُفضي إلى نزع سلاح الحزب.
ويضيف: «في حال فشل هذا المسار، فالاحتمال الأقوى هو خيار التصعيد»، مؤكّداً أنّ "لا شيء يحدث ضمن المنطق منذ 7 تشرين الأول، فالإسرائيلي يفرض ما يريد بالقوة على الأرض منذ انفجارات البيجر واغتيال القادة مرورا باغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وصولاً إلى وقف إطلاق النار واستمرار العدوان والاغتيالات".
ويرى أنّ البرنامج الإسرائيلي مستمرّ، ومنطق القوة هو السائد، متسائلاً إلى أي مدى سيتمكّن الرئيس جوزيف عون من بلورة الحلول وإقناع الحزب بالذهاب نحو التفاوض المباشر لتجنيب لبنان، وليس عبر التفاوض غير المباشر لأن الأخيرة تتمّ عبر "الميكانيزم". فالإسرائيلي يضغط باتجاه المفاوضات المباشرة، لكن الرئيس نبيه بري يرفض هذا الأمر، كما أنّ الرئيس عون لم يعلن أنّه بصدد الذهاب إلى مفاوضات مباشرة، ولكن هناك تدخل دولي وضغوط على الدولة للذهاب نحو خيار المفاوضات المباشرة.