المحلية

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الخميس 23 تشرين الأول 2025 - 07:11 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

الليطاني يدفع ثمن النزوح… دراسة صادمة تكشف حجم الكارثة البيئية الآتية من المخيّمات السورية

الليطاني يدفع ثمن النزوح… دراسة صادمة تكشف حجم الكارثة البيئية الآتية من المخيّمات السورية

"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي


أطلقت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني نداءً جديدًا لحماية حوض نهر الليطاني، من خلال الكتاب الذي وجّهته إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، دعتها فيه إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف التلوث الخطير الذي يتعرّض له حوض نهر الليطاني، نتيجة تصريف مخيّمات النازحين السوريين لمياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة من دون معالجة، والتي تُقدَّر كميّتها بأكثر من مليوني متر مكعّب سنويًا.


وقدّمت المصلحة أدلّة مصوّرة تُظهر التلوث المباشر، محذّرةً من أنّ هذا الواقع، الذي تفاقم بفعل الجفاف وتراجع الموارد المائية، يهدّد البيئة والصحة العامة في لبنان. ومع عودة الاستقرار إلى أجزاء واسعة من سوريا، دعت المصلحة إلى عودة تدريجية وكريمة للنازحين إلى وطنهم، وأدانت دور بعض المنظمات والأفراد الذين يستفيدون سياسيًا وماليًا من استمرار أزمة النزوح، مطالبةً المفوضية بمزيد من الشفافية والمساءلة البيئية في العمليات الإنسانية.


النداء الذي أطلقته المصلحة لم يأتِ من عدم، إذ يشرح خبير مختص لـ”ليبانون ديبايت” أن “وجود عدد كبير من النازحين السوريين على ضفاف نهر الليطاني، خصوصًا في البقاع، أدّى إلى أضرار بيئية واقتصادية وصحية كبيرة، أبرزها تلوث النهر بالمياه المبتذلة بسبب غياب البنية التحتية للصرف الصحي في المخيّمات، فتُصرّف مياه الصرف مباشرة في النهر أو مجاريه، وهذا التلوث يرفع نسب البكتيريا والمواد العضوية، ما يهدّد البيئة والصحة العامة”.


ولفت الخبير إلى أنه “في ما يتعلق بالنفايات الصلبة، فإن المخيّمات غالبًا لا تعتمد نظام جمع نفايات منظّم، ما يؤدي إلى تراكم النفايات على ضفاف النهر أو داخل مجراه، كما أن المواد البلاستيكية والعضوية تساهم في انسداد مجاري المياه وزيادة التلوث”.


ويشدّد الخبير أيضًا على أن “وجود النازحين على ضفاف الليطاني يشكّل ضغطًا على الموارد المائية، لأن الاستخدام العشوائي لمياه النهر لري المزروعات أو لأغراض معيشية ضمن المخيّمات يستنزف المياه ويقلّل من جودتها، ناهيك عن أن إقامة المخيّمات والبنية العشوائية على الأملاك النهرية تؤدي إلى تعدّيات على الحرم النهري، ما يعرقل أي مشروع تأهيل أو تنظيف”.


وينبّه إلى أن “تلوّث المياه يؤثر على السكان اللبنانيين والنازحين معًا، من خلال زيادة انتشار الأمراض الناتجة عن المياه الملوّثة، مثل الإسهال والتهاب الكبد. والمسؤولية لا تقع فقط على وجود النازحين، بل أيضًا على غياب المعالجة المستدامة من الدولة، وضعف التنسيق بين الجهات المحلية والدولية، وغياب البنى التحتية الأساسية في المنطقة”.


ويختم: “الحل يتطلب مقاربة متكاملة تشمل دعم المجتمعات المضيفة، وتنظيم المخيّمات، وتطوير البنية التحتية، وتطبيق قوانين حماية البيئة”.


تجدر الإشارة إلى أن دراسة أصدرتها المصلحة الوطنية لمياه الليطاني عام 2020، حول “تداعيات أزمة النزوح السوري على قطاع المياه والبيئة والكهرباء في لبنان”، أظهرت أن “مخيّمات النازحين العشوائية المنتشرة على طول نهر الليطاني تشكّل مصدرًا لا يُستهان به للتلوث، حيث تقوم معظم المخيّمات بتحويل النفايات السائلة والصلبة الناتجة عنها مباشرة إلى مجرى نهر الليطاني وروافده، كما إلى أقنية مشاريع الري التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني”.


وتبيّن، جراء المسح الذي قامت به الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني خلال سنة 2020، أن العدد التقريبي للنازحين في الحوض الأعلى هو نحو 974 موقعًا يضم حوالي 11,466 خيمة، وقد بلغ العدد التقديري للنازحين المتواجدين في هذه المواقع حوالي 68,645 نازحًا سوريًا. أما العدد التقريبي للنازحين في الحوض الأدنى فهو 4,238 نازحًا سوريًا بمحيط قناة ري القاسمية، وقدّر عدد خيم النازحين السوريين الموجودة ضمن نطاق الحوض الأدنى بحوالي 934 خيمة، فيما يبلغ عدد السوريين المقيمين في منازل ضمن حدود حوض الليطاني الأدنى نحو 52,331 نازحًا. ويكون العدد الإجمالي للنازحين السوريين ضمن الحوض الأدنى لنهر الليطاني وضمن نطاق مشروع ري القاسمية حوالي 57,000 نازح سوري.


علماً أنّ عدد المواليد السوريين في لبنان لا يقل عن 20,000 سنويًا، أي ما يقارب ربع مليون نسمة خلال 11 عامًا. كما سجّلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى تاريخ 31 آذار 2022، حوالي 839,086 نازحًا سوريًا داخل الأراضي اللبنانية، منهم 188,990 نازحًا يقطنون المنازل، أي حوالي 22 بالمئة فقط.


تداعيات وجود النازحين على قطاع المياه


تشير الدراسة إلى أنه “يُقدّر الطلب على مياه الشفّة في المخيّمات بحسب تقدير تقريبي لاستخدام المياه اليومي، بافتراض أن الخزانات تُملأ مرة واحدة في اليوم بمتوسط استهلاك يومي يبلغ 100 ليتر للفرد في اليوم. مع العلم أن مصادر المياه لهذه المخيّمات تختلف، ففي بعض الأحيان يتم توصيل المياه بواسطة الشاحنات، وفي حالات أخرى تُوفّر من خلال الشبكة الحالية، وأحيانًا عبر حفر آبار جديدة لتأمين المياه”.


وتُشير الدراسات إلى زيادة بنسبة 20 بالمئة في استخدام المياه المنزلية في لبنان بسبب أزمة اللاجئين (من 676 إلى 826 مليون م³ سنويًا).


تداعيات وجود النازحين على قطاع الصرف الصحي


تحويل كميات هائلة من الصرف الصحي غير المعالج إلى الأرض المكشوفة أو إلى مجرى نهر الليطاني:

تُقدّر الدراسة كميات المياه المبتذلة الناجمة عن المخيّمات الواقعة على ضفاف نهر الليطاني، في منطقة الحوض الأعلى، دون معالجة مسبقة، بحوالي 2,104,655 مترًا مكعّبًا سنويًا. فيما تُقدّر كميات المياه المبتذلة الناجمة عن المخيّمات الواقعة في حرم قنوات الري في منطقة الحوض الأدنى، دون معالجة مسبقة، بحوالي 135,000 متر مكعّب سنويًا (اعتمادًا على معدل استهلاك النازح المقدر بـ84 ليترًا يوميًا).


تحميل شبكات الصرف الصحي في الأحياء والمناطق الواقعة ضمن منطقة حوض نهر الليطاني فوق قدرتها الاستيعابية القصوى:

كما تُبيّن الدراسة أنه خلال الكشوفات التي تقوم بها الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني على شبكات ومجاري الصرف الصحي في منطقة الحوض، هناك مشكلة متمثلة بفيضان الصرف الصحي بين المساكن وعلى الطرقات وصولًا إلى مجاري الروافد والنهر نفسه. وتشهد الشبكات المتصلة بالمساكن المكتظة بالنازحين السوريين تدفقًا مستمرًا وبكميات هائلة تتخطى القدرة الاستيعابية للشبكات القائمة، ما يؤدي إلى تشكّل برك طبيعية من مياه الصرف الصحي في الأحياء والأراضي المحاذية لمجرى النهر أو قنوات الري.


بالإضافة إلى قيام سكان تلك الأحياء بتمديدات غير مرخّصة للصرف الصحي، مما يؤدي إلى انسداد المجاري الرئيسية وفيضان الريغارات نتيجة تخطي قدرة الشبكة على استيعاب الكميات المحوّلة إليها، فضلًا عن غياب الجور الصحية المنفّذة وفق الأصول الفنية لمعالجة مياه الصرف الصحي.


وخلصت الدراسة إلى النتائج التالية:


1. يواجه قطاع المياه في لبنان طلبًا إضافيًا يُقدّر بما بين 43 و70 مليون متر مكعّب في السنة، أي بزيادة تتراوح بين 8 و12 بالمئة على حجم الطلب قبل النزوح.

2. يشكّل النزوح السوري ثاني أكبر عامل في تدهور جودة المياه في منطقة حوض نهر الليطاني.

3. محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي تم بناؤها من خلال التمويل الدولي لا تزال لا تعمل أو تعمل بأقل من طاقتها، ما يعني أن 8 بالمئة فقط من مياه الصرف الصحي تُعالج فعليًا، بينما تبلغ تغطية شبكة الصرف الصحي 60 بالمئة.

4. غالبًا ما تستخدم المنازل غير المتصلة بشبكات الصرف الصحي الحُفر الامتصاصية أو خزانات الصرف الصحي التي توفّر الحد الأدنى من الحماية، مما يسمح بتسرّب المياه المبتذلة الخام إلى البيئة وتلويث المياه الجوفية.


وتُقدّر وزارة الطاقة والمياه اللبنانية أنه تم حفر ما لا يقل عن 55,000 إلى 60,000 بئر غير مرخّصة، فيما يتم بناء المزيد من المنازل خارج شبكة المياه، في بعض الأحيان بشكل غير قانوني، وأحيانًا نتيجة لسوء تخطيط استخدام الأراضي. ويتم استغلال شبكات المياه من قبل من لا يستطيعون تحمّل كلفة المياه المعبأة أو المنقولة بالشاحنات، والتي تستنزف الموارد لتصل كلفتها إلى نحو 40 دولارًا شهريًا لكل أسرة في ظل الفقر المتزايد (مقارنة بأقل من 21 دولارًا لإمدادات الشبكة).


ويُضاف إلى ذلك أن التخلص من مياه الصرف الصحي الناتجة عن المطابخ والغسيل والاستحمام يتم غالبًا بشكل مباشر في البيئة، مما يؤدي إلى انتشار التلوث والأمراض، كما هو الحال في المخيّمات العشوائية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة