وبحسب الكاتب والمحلّل السياسي علي حمادة، إنّ هذا التصريح يعكس اتّجاهًا إسرائيليًا واضحًا نحو ترسيخ واقعٍ جديد على الحدود الشمالية للبنان.
وفي حديث إلى "ليبانون ديبايت"، يقول حمادة: "إسرائيل تعتبر أنّ وجود المدنيين في تلك القرى يمكّن حزب الله من التسلّل والاختباء بينهم، وبالتالي فإنّ تفريغ هذه المناطق من سكانها يشكّل بالنسبة إليها ضمانة أمنية دائمة، ويُسهّل مراقبة الحدود من دون أيّ وجود بشري يمكن أن يغطي نشاط الحزب."
ويضيف: "إسرائيل اليوم لا تريد إعادة الإعمار، لأنّ إعادة الإعمار تعني عودة الناس، وعودة الناس تعني عودة حزب الله. هذه هي المعادلة التي يُبنى عليها الموقف الإسرائيلي."
ولفت حمادة إلى أنّ معهد "ألما" الإسرائيلي ذهب أبعد من ذلك، إذ دعا صراحةً في مقاطع فيديو نُشرت مؤخرًا إلى منع إعادة إعمار القرى الحدودية اللبنانية، تحت شعار: "حيث لا عمران ولا سكان، لا وجود لحزب الله".
ويؤكّد أنّ هذا الطرح "خطير جدًا"، لأنّه يُبرّر عمليًا تحويل الشريط الحدودي إلى حزامٍ أمنيّ منزوع السكان والسلاح، لا يختلف كثيرًا عن تجربة "المنطقة الأمنية" التي أقامتها إسرائيل سابقًا قبل انسحابها عام 2000.
ويشير حمادة إلى أنّ الإسرائيليين يبرّرون هذا التوجّه بأنّ هجوم 7 تشرين الأول (عملية طوفان الأقصى) لن يُسمح بتكراره في أيّ من الجبهات المشتركة — لا في غزة، ولا في سوريا، ولا في لبنان.
ويضيف: "من هنا، فإنّ إسرائيل لن تسمح بعودة الحياة الطبيعية إلى القرى الحدودية اللبنانية، قبل أن تتأكّد من أنّ حزب الله لم يعد قادرًا على العودة أو إعادة بناء نفسه قرب الحدود."
ويحذّر حمادة من أنّ هذا التوجّه قد يترك آثارًا مدمّرة على لبنان، قائلاً: "ما يجري اليوم هو تمهيد لحرب جديدة أو لمرحلة طويلة من التصعيد الأمني، لأنّ إسرائيل تريد فرض واقع جديد على الأرض: منطقة عازلة بلا سكان، مقابل حزب الله الذي يعيد ترميم قدراته خلف الليطاني".
ويختم بالقول: "بهذا الشكل، يبرّر الطرفان بعضهما البعض. إسرائيل تُسوّق خطر الحزب لتُشرعن التدمير والتهجير، فيما الحزب يُعلن جهارًا أنّه استعاد قوّته العسكرية، فيُقدّم الذريعة التي تحتاجها إسرائيل لتوسيع ضرباتها."