العميد الركن المتقاعد فادي داوود، يؤكد في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أنه في موضوع المناورة، أو مناورات الجيوش عامةً، هناك هدفان أساسيان، الهدف الأول عسكري، ويتمثل في تنسيق عمل الوحدات المشاركة حتى تتدرّب على العمل المشترك وتكتمل قابليتها لإنجاز المهمة العسكرية، أما الهدف الثاني فيتعلق بإرسال رسالة سياسية، ففي كثير من الحالات، تحمل المناورات التي تُجريها الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وأستراليا في بحر الصين الجنوبي بعدًا سياسيًا تجاه الصين أكثر من كونها بعدًا عسكريًا بحتًا، وفي الوقت نفسه، تسهم في تعزيز التعاون والجاهزية بين القوات المشاركة".
وفيما يتعلق بالمناورة التي أجراها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، يشير العميد داوود إلى أن "إذا كانت غايتها إعداد القدرات وتحضير العرض العسكري، فهي مؤشر نذير شؤم، أما إذا كانت تهدف إلى توجيه رسالة سياسية فهي تُعدّ إشارة تحذيرية سياسية".
ويضيف: "حجم ونوعية المناورة يدفعان إلى القلق، مع ضرورة الانتباه إلى عامل أساسي، وهو القوى المشاركة فيها، نحن لم نرَ قوات بحرية تشارك، ولا أسلحة من معيار استراتيجي مثل مقاتلات F-35، ولم تُسجّل مشاركة لقوات من خارج إسرائيل أو من دول صديقة لها، ما يعني أن هذه المناورة ليست مشتركة مع الجيش الأميركي أو أي قوة أخرى، وهذا بدوره يدل على أن المناورة ليست موجّهة نحو إيران، إذا كانت إسرائيل تناور هناك، فهي تناور على حزب الله".
ويؤكد أن "أي عمل عسكري إسرائيلي فعلي سيكون موجّهًا نحو لبنان، هذا هو معيار التطور الجديد في المشهد، إذ إن السؤال لم يعد ما إذا كان العمل العسكري الإسرائيلي سيحدث، بل متى سيحدث".
ويوضح العميد داوود أن "الفرقة 91 هي إحدى الفرق المتمركزة بشكل دائم في شمال إسرائيل، وبحد ذاتها لا تحمل معنى استثنائيًا، إذ تكمن أهمية الموضوع في طبيعة المناورة نفسها لا في اسم الفرقة. المناورة بحد ذاتها تُظهر نوعية الاستعداد العملياتي على الأرض، فحين تُستدعى وحدات الدعم مثل وحدات الحرب الإلكترونية أو الوحدات المدرعة، فإن مشاركة الفرقة 91 في هذا السياق تشير إلى احتمال تحضير لعمل ميداني إسرائيلي قد يأخذ طابع التوغّل أو الاجتياح البري".
لكن العميد داوود يستبعد "عملية التوغّل البري الإسرائيلي في الوقت الحالي، لأن إسرائيل تستطيع تحقيق معظم أهدافها عبر القصف الجوي دون تعريض قواتها للمخاطر على الأرض، ومع ذلك، إذا قررت فتح محور جديد، مثل المحور الشرقي من منطقة البقاع الغربي، فقد يكون هناك احتمال لعملية توغّل تدفع فيها إسرائيل قوات من الشرق باتجاه الغرب لفصل الجنوب عن البقاع، وإذا أكملت هذه القوات طريقها نحو مرتفعات السلسلة الغربية، فإنها بذلك تفصل الجنوب عن بيروت ومناطق جبل لبنان".
ويخلص إلى القول إن "هذه المناورة تُعتبر خطيرة في مضمونها، لكن حتى الآن لا توجد مؤشرات واضحة أو كافية تؤكد نية تنفيذ هذا السيناريو فعليًا".