عقدت نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين – REAL المنتدى العقاري الثالث في لبنان في فندق "فينيسيا"، بعنوان: "لبنان يعود إلى الواجهة: فرص استثمار واعدة ومبادرات استراتيجية في مجال الإسكان"، برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام ممثّلًا بوزير المالية ياسين جابر، وبحضور النواب جيمي جبور، آلان عون، وضاح الصادق، فراس حمدان، إلياس حنكش وأحمد رستم، ورئيس النقابة وليد موسى وأعضاء النقابة، ورئيس مصرف الإسكان أنطوان حبيب، إلى جانب رؤساء نقابات ومصرفيين وشركات عقارية وممثلين عن مؤسسات اقتصادية ومالية.
بعد النشيد الوطني، قدّم موريس متى الاحتفال بكلمة قال فيها إنّ القطاع العقاري اللبناني يقف على عتبة مرحلة جديدة، بين إرث ثقيل من الأزمات وفرص بدأت تلوح بفعل مؤشرات سياسية واقتصادية وأمنية أكثر توازنًا. وأشار إلى أنّ العقار كان أحد محركات الاقتصاد الوطني بين الأعوام 2003 و2016، حيث استقطب نحو 7.58 مليارات دولار، أي ما نسبته 63.3% من مجمل الاستثمارات العربية في لبنان، فيما شكّل في عام 2017 وحده 93.3% من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر المقدّرة يومها بـ 2.62 مليار دولار، مؤكدًا أنّ العقار يتحوّل إلى وعاء جاذب للرساميل عند توافر الثقة.
وتحدّث عن الأزمة التي ضربت لبنان في أواخر 2019 وتعطيل التمويل السكني والتجاري، والتوقف شبه التام لقروض الإسكان، وتأثير التباطؤ في عمل الدوائر العقارية، مرورًا بجائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، وصولًا إلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي دمرت ما لا يقل عن 22,000 وحدة سكنية. ولفت إلى أنّ الأسعار انخفضت بنحو 50% عام 2020 قبل أن تعود إلى الارتفاع تدريجيًا، مع بقاء العديد منها دون مستويات ما قبل 2019. وأشار إلى بروز طلب إضافي على الإيجارات خلال الحرب، وتحول العقار إلى "ملاذ موقت" للمدخرات.
ولفت إلى أنّ انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس نواف سلام أعادا نبضًا للأسواق من خلال اهتمام متزايد من الاغتراب اللبناني، واهتمام فردي من خليجيين، وعودة مطورين إلى مشاريع كانت مجمّدة. كما اعتبر أن رفع سقف قروض مصرف الإسكان من 50,000 إلى 100,000 دولار أعطى دفعة نفسية، رغم التراجع المؤقت بسبب التوترات الإقليمية.
وأكد أن التعافي العقاري مرتبط بالاستقرار السياسي والأمني وبإعادة تفعيل التمويل المصرفي، مشددًا على ضرورة إعادة هيكلة المصارف وعودة التسليف المدروس. وقال إن المنتدى يشكل محطة وطنية واقتصادية بارزة تجمع فاعلين وخبراء لمناقشة حلول الاستثمار العقاري والحوكمة الإدارية والتحول الرقمي والقطاع التجاري والحق في السكن والتمويل.
من جهته، شدّد رئيس النقابة وليد موسى على أنّ القطاع العقاري ركيزة من ركائز الاقتصاد ومرآة لإصرار اللبناني على الحياة والإعمار. وشدّد على ضرورة استعادة الثقة بلبنان وبالقطاع المصرفي، معتبرًا أنّ العقار هو "القلب النابض" للاقتصاد ومرتبط بأكثر من 70 مهنة وقطاع اقتصادي، وأنه قبل الأزمة كان يشكل نحو 16% من الناتج المحلي.
وأعلن أن النقابة في المرحلة الأخيرة لإنشاء سجل خاص بالوسطاء العقاريين في وزارة الاقتصاد، مشيرًا إلى إطلاق ديبلوم عقاري شامل يجمع بين الجانب الأكاديمي والتطبيقي ويهدف إلى تأهيل العاملين في السوق باستخدام التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي والحضور الرقمي، على أن يلي ذلك حفل تخرّج الدفعة الأولى.
كما دعا إلى خطة إسكانية فعلية تشمل الشباب والعائلات وتعتمد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإلى دراسة الخطة المقدّمة من المؤسسة العامة للإسكان، وطرح حوافز ضريبية للأجانب والمغتربين لتشجيع الاستثمار.
وأكّد نائب رئيس الهيئات الاقتصادية نبيل فهد في كلمته أنّ التمويل أساس لاستعادة الدورة الاقتصادية، مشددًا على أن تعافي المصارف وإصدار القوانين اللازمة شرط للانطلاق مجددًا. ولفت إلى جهود مصرف الإسكان في تأمين القروض السكنية، وإلى أهمية تفعيل تقديمات المؤسسة العامة للإسكان. ودعا إلى تخفيض مؤقت لرسوم التراخيص العقارية وتقسيطها، وتحفيزات ضريبية لتنشيط القطاع، وإطلاق مشاريع تطوير بالشراكة بين القطاعين العام والخاص وفق أعلى معايير الشفافية.
وفي الختام، ألقى الوزير ياسين جابر كلمة نقل فيها تحيات الرئيس نواف سلام، مؤكدًا أهمية القطاع العقاري في تحفيز الاقتصاد وزيادة التشغيل وتحريك قطاعات الإنشاء والتمويل. وشدّد على ضرورة بناء أسس جديدة للنمو والاستقرار، وتحديث التشريعات العقارية والضريبية، وإطلاق التحول الرقمي في وزارة المالية والمديرية العامة للشؤون العقارية لتبسيط الإجراءات وتعزيز الشفافية.
وأوضح جابر أن إعادة الثقة تبدأ من الاستقرار المالي والمؤسساتي ومن بيئة تنظيمية واضحة تشجع المستثمر والمواطن، مؤكدًا التزام الحكومة توفير بيئة محفّزة للنمو والوقوف إلى جانب المبادرات الجادة. وختم متمنيًا النجاح للمنتدى، على أمل أن تتحول الأفكار إلى ورش عمل تضجّ في كل أنحاء لبنان.
وفي الختام، قدّم رئيس النقابة درعًا تقديرية للوزير جابر، وتم توزيع شهادات على عدد من طلاب الديبلوم الحائزين على شهادات من الجامعة اللبنانية – الأميركية.