ما حصل اليوم لم يكن في يوم عطلة، ولا في ساعات الفجر، بل في نهارٍ دراسيٍّ عادي. الضربة جاءت فيما كان التلامذة على مقاعدهم، والطرقات تشهد حركة سير ناشطة. هنا، تَحوّل المشهد فورًا من يومٍ دراسيٍ هادئ إلى صدمةٍ جماعية امتزج فيها الخوف بالذهول، فالكبار ارتجفوا، فكيف بالصغار؟
ووفق معلومات "ليبانون ديبايت"، سُجِّلت حالات هلعٍ في عدد من المدارس القريبة من مكان الاستهدافات، لا سيّما تلك التي تقع في نطاق سماع دويّ الانفجارات بشكلٍ مباشر. المشهد داخل الصفوف كان صعبًا: تلامذة في الحلقات الأولى والثانية أجهشوا بالبكاء، وآخرون تجمّدوا من الخوف، فيما سارع الأساتذة والإداريون إلى تهدئتهم قدر المستطاع، في محاولةٍ لاحتواء الصدمة ومنع تحوّلها إلى حالة ذعرٍ جماعي.
ورغم قوة الضربات وحدّتها، لم تُقدِم أيٌّ من المدارس على إقفال أبوابها. تركت إداراتها القرار للأهالي، فانهالت الاتصالات على الهواتف الإدارية بين أمٍّ قلقة وأبٍ يسأل عن الوضع، لكن التوجّه كان واضحًا: من أراد متابعة الدوام فله ذلك، ومن فضّل اصطحاب أولاده فله الحرية الكاملة دون أي إشكال.
ومع ذلك، أثبت المشهد مرةً جديدة أنّ أهل الجنوب، رغم الجرح المفتوح، لا ينكسرون. المدارس لم تُغلق، والمحال لم تُطفئ أنوارها، والناس ظلّوا واقفين على أرضهم. نعم، الخوف كان حاضرًا، والقلق واضحًا، لكن الحياة لم تتوقّف.
ففي جنوبٍ يعيش على خطّ النار منذ عقود، العدوّ لا يرحم، لكنّ الناس هناك لا يعرفون سوى الصمود.
يبقون واقفين، كلّما حاول الرعب أن يُسقطهم، ليؤكّدوا من جديد أنّ الحياة أقوى من الحرب، وأن الجنوب — مهما اشتدّت عليه الغارات — يبقى حيًّا ما دام فيه من يحبّ الأرض ويؤمن بها.
 
                                                                                                         
                         
                                 
             
             
             
             
                    
                     
                    
                     
                    
                     
                    
                     
                    
                     
     
    
    