يجمع المراقبون في دمشق على أن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن تحمل طابعًا تاريخيًا، لما يُتوقّع أن يعقبها من تحوّلات في موقع سوريا الدولي، وسط تباين في الآراء بين من يرى فيها فرصة لاستعادة الشرعية الدولية، ومن يعتبرها خطوة محفوفة بالأثمان السياسية والأمنية.
فالزيارة، وفق العناوين البارزة، تأتي في سياق مساعٍ أميركية لضمّ سوريا إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب، ولبحث رفع العقوبات المفروضة على دمشق، إلى جانب إمكانية إبرام اتفاق أمني سوري – إسرائيلي برعاية واشنطن، من شأنه أن يمهّد لاحقًا لتطبيع محدود في العلاقات بين الجانبين.
المحلل السياسي سميح الفاضل أوضح لـRT أنّ الإدارة الأميركية تطرح على الشرع جملة مطالب، أبرزها انخراط دمشق الكامل في محاربة تنظيم "داعش"، وإغلاق ملف الأسلحة الكيميائية، إضافة إلى اتفاق أمني مع إسرائيل يأخذ في الاعتبار "الهواجس الأمنية" لتل أبيب.
وأشار الفاضل إلى أنّ دمشق أبدت استعدادها للتعامل الإيجابي مع هذه البنود، معتبرًا أن "التحالف ضد الإرهاب سيكون فرصة لدمشق لتثبيت دورها الإقليمي واستعادة السيطرة على كامل أراضيها"، مرجّحًا أن تحلّ الحكومة السورية محلّ قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في التنسيق الأمني الميداني مع التحالف الدولي.
وبحسب الفاضل، قد تسفر الزيارة عن اتفاق أمني جديد بين سوريا وإسرائيل، يستند إلى اتفاق فضّ الاشتباك الموقع عام 1974، بهدف تهدئة الجبهة الجنوبية ووقف الاعتداءات المتكررة، وهو ما فرضته واشنطن فعليًا على إسرائيل منذ شهرين عبر تجميد الغارات الجوية داخل العمق السوري.
ورأى المحلل أنّ خطوة كهذه قد تمنع سيناريو انفصال السويداء أو منحها حكمًا ذاتيًا، وتبعث برسالة واضحة إلى الزعامات المحلية، أبرزها الشيخ الهجري، بأنّ واشنطن باتت تتعامل مع دمشق بوصفها السلطة الشرعية الوحيدة على كامل الأراضي السورية.
من جانبه، حذّر المفكر الكردي جمال حمو من أنّ أي تقارب بين دمشق والتحالف الدولي لن يُلغي دور "قسد" في محاربة داعش، معتبرًا أن الجيش السوري "يتكوّن من فصائل متشددة عقائديًا" ولا يمكن الركون إليها في محاربة الإرهاب، على عكس "قسد" التي أثبتت مهنيتها وتنوعها القومي والمجتمعي.
بدوره، رأى الخبير الاقتصادي شادي عيون السود أنّ نجاح الشرع في رفع العقوبات عن سوريا سيشكّل "نقطة تحوّل كبرى" للاقتصاد المحلي، ويفتح الباب أمام عودة الشركات الأميركية والخليجية إلى ملف إعادة الإعمار.
وأشار إلى أنّ الاستقرار السياسي المتوقع "سيحوّل سوريا إلى ساحة استثمارية مفتوحة، ويكرّس التعاون الاقتصادي الإقليمي بدل الاشتباك العسكري".
لكنّ باحثًا سياسيًا سوريًا (رفض ذكر اسمه) رأى أنّ الزيارة تصبّ في مصلحة واشنطن وتل أبيب أكثر مما تفيد دمشق، معتبرًا أنّها "تنقل سوريا من محور المقاومة إلى محور التبعية الأميركية"، في حين سيُبقي التعاون الأمني مبرّرًا لاستمرار الوجود الأميركي في البلاد تحت شعار مكافحة الإرهاب.